وعليه ، فبراءة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من ظلامات الفتوحات ، لا يتوقف على نفي إذنه بها ، أو رضاه ، ولا على نفي مشاركته فيها ، فلا تلازم بين أي من هذه الثلاثة وبين تحمل مسؤولية ظلامات الفاتحين والولاة . ومثاله أن تأذن ببناء مسجد يتولاه غيرك ، فتضع له خريطة البناء ، وتساهم في تكاليفه ، وتدفع مهندسين للعمل به ، وأنت تعرف أن المتولي سيغصب أموالاً وأعياناً وينفقها فيه ، ويجبر أشخاصاً على العمل فيه ، ثم يستعمله لأغراض مفيدة ومضرة . فإن علمك بذلك لا يجعلك شريكاً في فعل المتولي ، ولا يمنعك من المشاركة ، ما دام وجود المسجد ضرورة ، أو وجوده خيراً من عدمه ! فينبغي الالتفات إلى أن مشاركة عليٍّ ( عليه السلام ) في دفع هجوم جيش طليحة عن المدينة وفي حروب الردة والفتوحات ، لها صيغ عديدة ، بعضها لا يستلزم تأييده لنظام الحكم ، ولا يتنافى مع رفضه النظام والخليفة ، وبعضها يستلزم نوعاً من الاعتراف به ، كقبوله أن يكون منصوباً من قبله مأموراً منه ، وقد نهاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يقبل بإمرة من أمَّره الله عليهم . وقد تصور بعضهم أن إذنه ( عليه السلام ) ورضاه ، أو مشاركته مطلقاً ، حتى في التدبير والإدارة ، بنفسه أو بأصحابه وتلاميذه وفرسانه . . كل ذلك يتنافى مع كونه الإمام المعصوم الموصى له من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! وهذا خطأ ، فليست كل صور المساعدة والمشاركة تستوجب ذلك . ومن الواضح أن حكم الحسن والحسين حكم أبيهما ( عليهم السلام ) ، لأن الله تعالى أمرهما على الأمة بعده بنص النبي ( صلى الله عليه وآله ) .