وكذا عمل الأصحاب بالرواية ، كعملهم برواية الخصال ، فقد اعتبره الشيخ الأنصاري ( رحمه الله ) جابراً لضعفها في الجملة . قال في المكاسب ( 2 / 244 ) : « قوله ( عليه السلام ) : وأما الرابعة - يعني من المواطن الممتحن بها بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) - فإن القائم بعد صاحبه - يعني عمر بعد أبي بكر - كان يشاورني في موارد الأمور فيصدرها عن أمري ، ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي . لا أعلم أحداً ، ولا يعلمه أصحابي ، يناظره في ذلك غيري . . . الخبر . والظاهر أن عموم الأمور إضافي بالنسبة إلى ما لا يقدح في رئاسته مما يتعلق بالسياسة . ولا يخفى أن الخروج إلى الكفار ودعاءهم إلى الإسلام من أعظم تلك الأمور ، بل لا أعظم منه . وفي سند الرواية جماعة تُخرجها عن حد الاعتبار إلا أن اعتماد القميين عليها وروايتهم لها ، مع ما عرف من حالهم لمن تتبعها من أنهم لا يُخَرِّجُون في كتبهم رواية في راويها ضعف ، إلا بعد احتفافها بما يوجب الاعتماد عليها ، جابر لضعفها في الجملة » . أقول : الإنصاف أن الرواية معتبرة بعمل الصدوق ( عليه السلام ) وبقرائن أخرى ، وهي تدل على إمضاء الإمام ( عليه السلام ) ، لأصل الفتح ومشاركته في تدبيره ، لكنها لا تدل على تصحيحه لسياسات عمر في الفتح ، وفي إدارة البلاد المفتوحة . وبعد أن أنهيت هذا الفصل قدمته إلى سماحة السيد الميلاني ، وهو من جمهرة فقهائنا المتشددين في القول بأن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لم يشارك في الفتوحات ولم يأذن بها ، فتفضل بكتابة تعليقات ، وهي تحتاج إلى بحث لا يتسع له المجال . وهي في إطار قوله دام ظله : المشاركة لا يقول بها أحد له إلمامٌ بعلم الكلام ، والإذن لا دليل عليه !