فكأن العامية والخشونة والمبالغة ، جزءٌ من الدين والتقوى ، عند هؤلاء الرواة ! ومن هذه المبالغات العنترية مدح الواقدي لعبد الرحمن بن أبي بكر ، بأنه برز لاثنين معاً ولم يقبل أن يعاونه أحد ، مع أن هذا لا يقع في الحرب ! قال في فتوح الشام / 1 / 195 : « ونظر العلجان إلى صاحبهما مجندلاً فحملا على عبد الرحمن وقصداه ، فأراد قيس بن هبيرة أن يعاونه عليهما ، فقال له عبد الرحمن : سألتك برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبحق أبي بكر إلا تركت عبد الرحمن يصطلي بهما ، فإن قتلت فأنت شريكي في الثواب ، وأقرئ عائشة مني السلام ، وقل لها أخوك قد لحق ببعلك وأبيك . فتأخر قيس عنه وقد عجب من فعاله ، فحمل عبد الرحمن على أحد العلجين وهو الأول فطعنه برمحه فاشتبك السنان في درعه ، فرمى عبد الرحمن الرمح من يده وانتضى سيفه ، وقام في الركاب وضرب العلج بسيفه ضربة طرحه بها نصفين ، ونظر العلج الثالث إلى عبد الرحمن وجرأته ، فبقى حائراً متعجباً من حاله ونظر إلى البطريق وهو متحير باهت ، فبانت له فيه غفلة فقال ما يوقفك يا قيس ، وحمل على البطريق وضربه ضربة هشم بها هامته ، فسقط إلى الأرض صريعاً » . أما ضرار بن الأزور ، الذي قُتل في اليمامة ، فقد أحياه الرواة بعد سنين في معركة اليرموك ، فكان إلى جانب خالد دائماً ، وملأت أساطيره الصفحات ! وحتى أبو هريرة الذي لم يُقاتل كل عمره ولم يضرب بسيف ، صار عند الرواة أسداً في اليرموك ، ببركة طاعته للسلطة ! قال الواقدي في فتوح الشام : 1 / 206 : « وحملت دوس مع أبي هريرة ، وهزَّ رايته ، وهو يحرض قومه على القتال ،