فلماذا لم يرووا بطولات هؤلاء ، وجعلوا المعركة كأنها لخالد بن الوليد ، وآخرين من أتباع السلطة ، مع أن غيرهم أهل البطولات الحقيقية ، وأولاء أهل البطولات الإستعراضية ، وبعضهم مات من سنين كضرار بن الأزور ! لقد اتخذت السلطة قراراً مشدداً بتغييب أخبار شيعة علي ( عليه السلام ) وبطولاتهم التي حققت النصر ، فأهملها الرواة أو غيرها الراوي أو حرفها ، حتى لا يتهموه بالتشيع ، وهي تهمة تكفي لتدمير حياته ! لذلك صرت تقرأ اليرموك حتى عند الراوي الحكومي المعتدل ، كالطبري والبلاذري ، فتجده يختار رواياته بحذر ، حتى لا يمدح المخالفين للسلطة ! وأقلهم حذراً الواقدي ، لأنه كتب مغازيه في عصر ضعفت فيه رقابة الخلافة ضد أهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم ، فروى روايات تعتبر كفراً عند من تأخر عنه ! لكنه خلطها للأسف ، أو رواة كتبه ، بالمبالغة والأسطورة لمصلحة أتباع السلطة . وشبيهٌ به ابن الأعثم في كتابه الفتوح ، والى حد الكلاعي الأندلسي ، سليمان بن موسى ، في كتابه : الإكتفا بسيرة المصطفى ، وهو أندلسي توفي سنة 634 . لذلك تجد في هذه الكتب تفصيلات هي في غيرها إشارات ، أو لا وجود لها ! وقد وصف الواقدي وقعة اليرموك ، فأطال في أخبار استعداد هرقل ، وأنه أرسل أحد قادته جرجير إلى المسلمين ليفاوضهم ، ففشلت المفاوضات .