أصبح المسلمون ولم يروا الكفار ظنوا أنهم قد كمنوا لهم ، حتى أخبروا بأمرهم . ورحل الروم وتبعهم المسلمون يقتلون فيهم ، وكانت الكسرة للروم » . أقول : لا يمكن تصديق أن مئة ألف أو نحوهم يسقطون في وادٍ سحيق وهم في حالة هرب على خيولهم ، ولا ينتبه حصان واحد منهم إلى أنها وادٍ فيقف ! فلو زعم الرواة أنهم كانوا خمسين فارساً مثلاً ، أصابهم الذعر وكان الجو ضباباً ، لصدقه بعض الناس . لكن الرواة أفرطوا ، فوجب التوقف في كلامهم . كما لا يمكن قبول زعمهم أن القادة قبلوا أن يخلط خالد خمس مئة نفر جاء بهم من العراق ، بجيوشهم ثم يجعل القيادة دورية ، ويأخذها في اليوم الأول ! وبالأمس جاء كتاب عزله المشدد من الخليفة وتخوينه ومقاسمته ماله ، وإهانته ! قال البلاذري : 1 / 138 : « وكان أميرهم عند الاجتماع في حربهم أول أيام أبى بكر عمرو بن العاص ، حتى قدم خالد بن الوليد الشام فكان أمير المسلمين في كل حرب . ثم ولى أبو عبيدة بن الجراح أمر الشام كله وإمرة الأمراء في الحرب والسلم ، من قبل عمر ابن الخطاب ، وذلك أنه لما استخلف كتب إلى خالد بعزله ، وولى أبا عبيدة » . وهذا نص في أن خالد بن الوليد لم يكن قائد معركة اليرموك ، فقد توفي أبو بكر بعد أجنادين بأيام ، وقد أثبتنا أن الذي خاض معركة أجنادين جيش شرحبيل وقاده خالد بن سعيد ، وكان كل أمير أميراً على جيشه ، وكان أبو عبيدة وخالد في آخر الناس . وجاءت بعدها معركة مرج الصُّفَّر وقد أعطوا قيادتها لخالد بن سعيد ، وكانت بعدها فحل بنفس التعبئة ، وكان خالد في هذه المعارك معزولاً حتى عن قيادة الذين جاء بهم من العراق ، فكيف يتنازل القادة عن قيادتهم ويعطوا القيادة لخالد المعزول ؟ !