قال ( عليه السلام ) يصف تلك الفترة ، في رسالته إلى أهل مصر لما ولى عليهم مالك الأشتر : « أما بعد فإن الله سبحانه بعث محمداً ( صلى الله عليه وآله ) نذيراً للعالمين ، ومهيمناً على المرسلين ، فلما مضى ( صلى الله عليه وآله ) تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده ( صلى الله عليه وآله ) عن أهل بيته ، ولا أنهم مُنَحُّوهُ عني من بعده ، فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت يدي ، حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام ، يدعون إلى محق دين محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله ، أن أرى فيه ثلماً أو هدماً ، تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم ، التي إنما هي متاع أيام قلائل ، يزول منها ما كان كما يزول السراب ، أو كما يتقشع السحاب . فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق ، واطمأن الدين وتنهنه » . ( نهج البلاغة : 3 / 118 ، والغارات للثقفي : 1 / 307 ، والإمامة والسياسة : 1 / 133 ، ومصادر أخرى ) . وتعبير : ما كان يُلقى في روعي ، تعبير مجازي للأمر الغريب المفاجئ . وتنهنه : سكن . وقد أثرت نهضة علي ( عليه السلام ) في نفس أبي بكر ، فكان يعتذر إليه عن تقدمه عليه في الخلافة ، ويؤكد له بأنه سيعيدها إليه بعد وفاته ، وأخذ يستشيره في تدبير الحرب ضد القبائل الطامعة في دولة الإسلام الناشئة ، فأرسل عليٌّ ( عليه السلام ) تلاميذه الفرسان وأولهم عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه لتوعية القبائل ومقاومة طليحة . ثم أرسل نخبةً من أصحابه لحرب مسيلمة ، كعمار بن ياسر ، وأبي دجانة ، وثابت بن قيس ، رضي الله عنهم ، فنهضوا في تلك الأحداث والمعارك ، وحققوا النصر للإسلام ، وهزموا المرتدين .