ولما قدم أهل الكوفة على النعمان بالطزر جاءه كتاب عمر مع قريب ، إن معك حد العرب ورجالهم في الجاهلية ، فأدخلهم دون من هو دونهم في العلم بالحرب ، واستعن بهم واشرب برأيهم ، وسل طليحة وعمراً وعمراً ، ولا تولهم شيئاً . فبعث من الطزر طليحة وعمراً وعمراً طليعة ، ليأتوه بالخبر ، وتقدم إليهم أن لا يغلوا ( لا يبعدوا كثيراً ) . فخرج طليحة بن خويلد ، وعمرو بن أبي سلمى العنزي ، وعمرو بن معدي كرب الزبيدي ، فلما ساروا يوماً إلى الليل رجع عمرو بن أبي سلمى ، فقالوا : ما رجعك ؟ قال : كنت في أرض العجم ، وقَتَلَتْ أرضٌ جاهلَها وقتلَ أرضاً عالمُها . ومضى طليحة وعمرو حتى إذا كان من آخر الليل رجع عمرو ، فقالوا : ما رجعك ؟ قال : سرنا يوماً وليلة لم نر شيئاً ، وخفت أن يؤخذ علينا الطريق . ونفذ طليحة ولم يحفل بهما فقال الناس : ارتد الثانية ! ومضى طليحة حتى انتهى إلى نهاوند ، وبين الطزر ونهاوند بضعة وعشرون فرسخاً ، فعلم علم القوم واطلع على الأخبار ، ثم رجع حتى إذا انتهى إلى الجمهور كبَّر الناس فقال : ما شأن الناس ؟ فأخبروه بالذي خافوا عليه ، فقال : والله لو لم يكن دين إلا العربية ما كنت لأجزر العجم الطماطم هذه العرب العاربة ( ما كنت لأقدم للعجم قومي العرب . والطمطمة كالرطانة ) فأتى النعمان فدخل عليه فأخبروه الخبر ، وأعلمه أنه ليس بينه وبين نهاوند شئ يكرهه ولا أحد ، فنادى عند ذلك النعمان بالرحيل ، فأمرهم بالتعبية ، وبعث إلى مجاشع بن مسعود أن يسوق الناس ، وسار النعمان على تعبيته ، وعلى مقدمته نعيم بن مقرن ، وعلى مجنبتيه حذيفة بن اليمان وسويد