قال : فخرج عوف بن مجزأة إلى أبي موسى فخبره بذلك ، فلما كان في الليلة الثانية قال أبو موسى لأصحابه : أيها المسلمون من يهب نفسه لله تعالى في هذه الليلة فليخرج مع عوف بن مجزأة حتى يدخل بهم مدينة تستر ، فيكونوا هم الذين يفتحون لنا بابها من داخلها ، فقد تعلمون أنه ليس لنا في تستر حيلة إلا أن تفتح لنا من داخلها ، لأجل هذا النهر الذي يدور حولها . قال : فانتدب له سبعون رجلاً أو يزيدون من أهل البصرة وأهل الكوفة ، فتقلدوا بسيوفهم ثم مضوا نحو تستر ، وعوف بن مجزأة بين أيديهم ، حتى جاز بهم النهر فخاضه من الموضع الذي قد عرفه ، ثم أصعدهم على عرق الجبل حتى أوقفهم على السور ، والحرس في وقتهم ذلك نيام لا يعقلون . قال : فنكى فيهم هؤلاء المسلمون فذبحوهم عن آخرهم ، ثم قعدوا على السور ينتظرون الصبح . فلما كان وقت الصبح وثب المسلمون فصلوا بغلس وركبوا دوابهم وتقلدوا سيوفهم وتناولوا رماحهم ، وقصدوا نحو باب تستر والباب مغلق ، قال : ونزل هؤلاء السبعون الذين مضوا في أول الليل ، فساروا إلى باب تستر من داخل ليعالجوه فيفتحوه ، وكان على الباب ثلاثة أقفال ، ومفاتيح الأقفال عند الهرمزدان قال : وكبر المسلمون من خارج الباب ، وكبر المسلمون السبعون من داخل الباب ، وسمعت الفرس بذلك فبادروا وخرجوا من دورهم وقصورهم وركبوا ، وركب الهرمزدان في أساورته ومرازبته نحو الباب .