مما يليهم تصعد منه خيلهم ، فأفسدوا حصنهم ، وبلغ ذلك المسلمين فنظروا إليه فقالوا ننهض إليهم ثانية فندخله عليهم ، أو نموت دونه . فلما نهد المسلمون الثانية خرج القوم فرموا حول الخندق مما يلي المسلمين بحسك الحديد ، لكيلا تقدم عليهم الخيل ، وتركوا للمجال وجهاً ، فخرجوا على المسلمين منه فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يقتتلوا مثله إلا ليلة الهرير ، إلا أنه كان أكمش وأعجل ، وانتهى القعقاع بن عمرو في الوجه الذي زاحف فيه إلى باب خندقهم فأخذ به ، وأمر منادياً فنادى يا معشر المسلمين ، هذا أميركم قد دخل خندق القوم وأخذ به ، فأقبلوا إليه ولا يمنعنكم من بينكم وبينه من دخوله ، وإنما أمر بذلك ليقوى المسلمين به ، فحمل المسلمون ولا يشكون إلا أن هاشماً فيه ، فلم يقم لحملتهم شئ حتى انتهوا إلى باب الخندق ، فإذا هم بالقعقاع بن عمرو قد أخد به ، وأخذ المشركون في الهزيمة يمنة ويسرة عن المجال الذي بحيال خندقهم ، فهلكوا فيما أعدوا للمسلمين ، فعقرت دوابهم وعادوا رجالة وأتبعهم المسلمون ، فلم يفلت منهم إلا من لا يعد ، وقتل الله منهم يومئذ مائة ألف ، فجللت القتلى المجال وما بين يديه وما خلفه ، فسميت جلولاء بما جللها من قتلاهم فهي جلولاء الوقيعة » . وجاء في رواية للطبري : « واستمد المسلمون سعداً فأمدهم بمائتي فارس ثم مائتين ثم مائتين ، ولما رأى أهل فارس أمداد المسلمين بادروا بقتال المسلمين . . فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يقاتلوا المسلمين مثله في موطن من المواطن ، حتى أنفذوا النبل وحتى أنفذوا النشاب . وقصفوا الرماح حتى صاروا إلى السيوف