رأيت من الرأي أن نرسله إلى عمر ليصنع فيه ما يختاره ، فأجابوه على لسان واحد : نعم ما رأيت أيها الأمير ، فردوه إلى صندوقه وأضافه إلى الخمس . . . ثم إن سعداً رأى رأياً أن يُسَيَّرَ بشيراَ يبشر عمر بفتح المدائن وبقدوم الخمس وبما أنعم الله على المسلمين ليكون أزيد هيبة وبهجة بالفتوح ، فأرسل جيش بن ماجد الأسدي ، فخرج على ناقته وقصد المدينة يجد السير قال : وكان عمر في كل يوم بعد ما يصلي الصبح يقرأ ما تيسر ، ويركب ناقته ويتوجه نحو طريق العراق ويرتقب ما يرد عليه من أخبار المسلمين . . قال فخرج على حسب العادة وإذا هو بجيش قد أقبل على ناقته فلما رآه عمر قصده وقال له : يا عبد الله من أين أقبلت ؟ قال : من المدائن يا أمير المؤمنين . قال : فما عندك من الخبر أقر الله عينك وغفر لنا ولك ؟ قال : أبشر يا أمير المؤمنين بالفتح العميم والسعد الجسيم ، وإن الله سبحانه وتعالى قد هزم جند المشركين وقطع دابر القوم المجرمين ، وأخلى منهم ديارهم ، وأخفى آثارهم وزعزع مراكبهم ، وطحطح مواكبهم وكتائبهم ، وشتت جموعهم ، وأخلى ربوعهم وقصم آجالهم ، وفرق أحوالهم وترك مساكنهم خالية ، وأوطانهم خاوية . قال : فلما سمع عمر رضي الله عنه هذا المقال حمد الله وأثنى عليه . . ثم إنه قسم البساط قطعاً بين الناس . قال : فأصاب كل رجل منهم قطعة ، فباعها بنحو العشرين ألف دينار » .