وقد رافق حروب الفتح كثير من هذه الأعمال ، فكان القادة يغصبون ويأكلون ويطعمون جنودهم ، والمسروق منهم محايدون أو معاهدون ، وقلما يكونون محاربين ، لأن المسلمين كتبوا عهود الصلح مع هؤلاء السكان الذين سرقوا أبقارهم ! ولم يكتف السارق بالسرقة ، حتى ادعى أن الثيران كلمته ودعته إلى أكلها ! وبهذا تعرف تقوى المثنى وأبي عبيد الثقفي رضي الله عنهما ، في مطعمهما ومطعم جنودهما . وكان قلة من الجنود على مثلهما لا يأكلون من المغصوب ! أما القادة الفرس فكان سلوكهم أسوأ ، لكنهم يتصورون أن المسلمين كلهم أتقياء ! قال الطبري ( 3 / 24 ) : « وخرج رستم من كوثى حتى نزل ببرس ، فغصب أصحابه الناس أموالهم ووقعوا على النساء وشربوا الخمور ، فضج العلوج إلى رستم وشكوا إليه ما يلقون في أموالهم وأبنائهم ، فقام فيهم فقال : يا معشر أهل فارس والله لقد صدق العربي ، والله ما أسلمَنا إلا أعمالنا ، والله لَلعرب في هؤلاء وهم لهم ولنا حرب ، أحسن سيرة منكم ! إن الله كان ينصركم على العدو ، ويمكن لكم في البلاد ، بحسن السيرة وكف الظلم ، والوفاء بالعهود والإحسان . فأما إذا تحولتم عن ذلك إلى هذه الأعمال ، فلا أرى الله إلا مغيراً ما بكم ، وما أنا بآمن أن ينزع الله سلطانه منكم ! وبعث الرجال فلقطوا له بعض من يشكى ، فأتى بنفر فضرب أعناقهم » . 4 . روى الطبري : 3 / 43 ، أن يزجرد اخترع في القادسية بريداً جديداً : « وكان يزدجرد وضع رجلاً على باب إيوانه إذ سرَّح رُستم وأمره بلزومه وإخباره ، وآخر حيث يسمعه من الدار ، وآخر خارج الدار وكذلك على كل دعوة رجلاً . فلما نزل