أما قصة الذين ذهبوا في تلك الليلة إلى ذي حُسَى ، فقد يكونون مجموعة من المدافعين عن المدينة رأوا جيش طليحة وصل إلى مشارفها ، وكانوا ينتظرون تقدمه والإشتباك معه ، ثم رأوا أن صوته انقطع فجأة ، واختفى أثر القوم ، فتقدموا فرأوهم انهزموا ، فتبعوهم إلى وادي ذي حُسَى ، فدحرج عليهم الكمين القِرب المنفوخة ، فنفرت إبلهم وعادوا إلى المدينة . وفي اليوم الثاني جاء الخبر للمسلمين بأن الكمين ذهب ، وأن جيش طليحة انهزم ، وأنهم أخلوا معسكر ذي القَصَّة ، فذهب علي ( عليه السلام ) وأبو بكر والمسلمون إلى ذي القَصَّة واتخذوه معسكراً ، لحراسة المدينة ، وجعلوا قائده النعمان بن مقرن المزني ، وهو فارس يعتمد عليه علي ( عليه السلام ) ، وقد اختاره فيما بعد قائداً لمعركة نهاوند ، وهي أكبر معركة في فتح فارس . إن ما حدث في الجيش المهاجم للمدينة يشبه ما حدث لجيش هوازن يوم حنين عندما هرب المسلمون كما قال تعالى : وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ . فولوا كلهم مدبرين ولم يبق مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلا علي وتسعة من بني هاشم . فاطمأن عليٌّ ( عليه السلام ) إلى حمايتهم للنبي ( صلى الله عليه وآله ) وغاص في وسط هوازن يقطف رؤوس حملة الرايات ، حتى قتل منهم نحو أربعين ، فكان يضرب كل واحد منهم بما يناسبه ، على رقبته فيطيح برأسه ، أو في وسطه فقيقطه قطاً ، أو على رأسه فيقدُّه إلى أنفه ، في ضربة واحدة مبتكرة لم يعهد المسلمون من