وظهر هنا تفكير قريش التجاري الخائف ، في موقف عمر بن الخطاب الذي أصرَّ على أبي بكر أن يقبل بشروط القبائل ، ليكفوا عن مهاجمة المدينة ! لكن كان واضحاً أن قبول أبي بكر بشروطهم ، ليس إلا بداية خضوع لمطالبهم التي لا تنتهي إلا بسيطرتهم التامة على المدينة ، وإنهاء الإسلام ! فما داموا أعلنوا نبوة نبيهم طليحة مع نبوة قريش أو بدلها ، فستكون بدلها ! وكان أبو بكر أبعد نظراً من عمر ، وأشجع منه ، وأرق منه أيضاً ، فقرر أن يصالح علياً ( عليه السلام ) ، ويمد إليه يده ، لأن العرب لا تخاف إلا منه ! وأن يشاوره في أمر المرتدين ويستعين به عليهم ، وهو يعرف أن رأيه لا محالة رد مطالبهم وقتالهم ، كما كان رأيه إنفاذ جيش أسامة . فشاور علياً ( عليه السلام ) وأخذ برأيه ، وخالف عمر ، بل وبخه بشدة ، كما يأتي ! كما أن علياً ( عليه السلام ) لم ينتظر أن يشاوره أبو بكر ، فأرسل لهم محذراً من تباطؤهم في حرب أتباع المتنبئين ، وأنه سيخرج بمن أطاعه إذا لم يخرجوا هم ! * *