قال : فوثب عرفجة بن عبد الله الذهلي فقال : صدق والله الحارث بن معاوية ! أخرجوا هذا الرجل عنكم ، فما صاحبه بأهل للخلافة ولا يستحقها بوجه من الوجوه ، وما المهاجرون والأنصار بأنظر لهذه الأمة من نبيها محمد ( صلى الله عليه وآله ) . قال : ثم وثب رجل من كندة يقال له عدي بن عوف فقال : يا قوم ! لا تسمعوا قول عرفجة بن عبد الله ولا تطيعوا أمره ، فإنه يدعوكم إلى الكفر ويصدكم عن الحق ، أقبلوا من زياد بن لبيد ما يدعوكم إليه ، وارضوا بما رضي به المهاجرون والأنصار ، فإنهم أنظر لأنفسهم منكم ، قال : ثم أنشأ يقول في ذلك : < شعر > يا قوم إني ناصح لا ترجعوا * في الكفر واتبعوا مقال الناصح < / شعر > قال : فوثب إليه نفر من بني عمه فضربوه حتى أدموه وشتموه أقبح الشتم ، ثم وثبوا إلى زياد بن لبيد فأخرجوه من ديارهم وهموا بقتله ! قال : فجعل زياد لا يأتي قبيلة من قبائل كندة فيدعوهم إلى الطاعة إلا ردوا عليه ما يكره ، فلما رأى ذلك سار إلى المدينة إلى أبي بكر ، فخبره بما كان من القوم » . أقول : لقد أدرك هؤلاء الكنديون بصفاء فطرتهم مقولة أهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم ، فكان سبب رفضهم لخلافة أبي بكر التشيع وليس الردة كما زعموا . والذي واجه مبعوث أبي بكر بذلك سيدهم الحارث بن معاوية بن زمعة ، ولم أجد له ترجمة وافية ، وقد شك ابن حجر في أنه صحابي . ( الإصابة : 1 / 692 ) .