فكرهت أن أشتغل بطلب المنافق خوفاً على ثابت ، فوقعت في البئر لعلي آخذه ، فنظرت فإذا أنا قد سبقته إلى قرار البئر . . واستقررت قائماً . . ثم جاء ثابت فانحدر فوقع على يديَّ وقد بسطتهما له . . فما كان إلا كباقة ريحان تناولتها بيدي . ثم نظرت ، فإذا ذلك المنافق ومعه آخران على شفير البئر وهو يقول لهما : أردنا واحداً فصار اثنين ! فجاؤوا بصخرة فيها مقدار مائتي مَنٍّ ، فأرسلوها علينا فخشيت أن تصيب ثابتاً ، فاحتضنته وجعلت رأسه إلى صدري ، وانحنيت عليه فوقعت الصخرة على مؤخر رأسي ، فما كانت إلا كترويحة بمروحة . . ثم جاؤوا بصخرة أخرى فيها قدر ثلاث مائة من فأرسلوها علينا ، فانحنيت على ثابت فأصابت مؤخر رأسي ، فكانت كماء صببته على رأسي . . ثم جاؤوا بصخرة ثالثة فيها قدر خمس مائة من يديرونها على الأرض لا يمكنهم أن يقلبوها ، فأرسلوها علينا ، فانحنيت على ثابت فأصابت مؤخر رأسي وظهري فكانت كثوب ناعم صببته على بدني . . ثم سمعتهم يقولون : لو أن لابن أبي طالب وابن قيس مائة ألف روح ما نجت واحدة منها من بلاء هذه الصخور . ثم انصرفوا وقد دفع الله عنا شرهم ، فأذن الله عز وجل لشفير البئر فانحط ، ولقرار البئر فارتفع فاستوى القرار والشفير بعد بالأرض ، فخطونا وخرجنا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا أبا الحسن إن الله عز وجل قد أوجب لك بذلك من الفضائل والثواب ، مالا يعرفه غيره . . » .