وانفرق عليٌّ يريد أصحابه فصاح به صائح من ورائه ، فالتفت وإذا بعبد الله بن خلف الخزاعي وهو صاحب منزل عائشة بالبصرة ، فلما رآه عليٌّ عرفه فناداه : ما تشاء يا ابن خلف ؟ قال : هل لك في المبارزة ؟ قال علي : ما أكره ذلك ، ولكن ويحك يا ابن خلف ما راحتك في القتل وقد علمت من أنا ؟ فقال عبد الله بن خلف : دعني من مدحك نفسك يا ابن أبي طالب ، وادن مني لترى أينا يقتل صاحبه ، ثم أنشد شعراً فأجابه علي عليه والتقوا ، فبادره عبد الله بن خلف بضربة دفعها عليٌّ بحجفته ، ثم انحرف عنه عليٌّ فضربه ضربة رمى بيمينه ، ثم ضربه أخرى فأطار قحف رأسه » . وروى ابن سعد في الطبقات : 3 / 256 : « كان عمار بن ياسر من أطول الناس سكوتاً وأقله كلاماً . . . رأيت عمار بن ياسر يوم صفين شيخاً آدم في يده الحربة ، وإنها لترعد ، فنظر إلى عمرو بن العاص ومعه الراية فقال : إن هذه راية قد قاتلتها مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثلاث مرات وهذه الرابعة ، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعرفت أنا على الحق وأنهم على الضلالة . . قال وهو يسير إلى صفين على شط الفرات : اللهم إنه لو أعلم أنه أرضى لك عني أن أرمي بنفسي من هذا الجبل فأتردى فأسقط ، فعلت . ولو أعلم أنه أرضى لك عني أن أوقد ناراً عظيمة فأقع فيها ، فعلت . اللهم لو أعلم أنه أرضى لك عني أن ألقي نفسي في الماء فأغرق نفسي ، فعلت . فإني لا أقاتل إلا أريد وجهك ، وأنا أرجو أن لا تخيبني وأنا أريد وجهك » .