قال الطبري : 2 / 510 : « ثم التقى الناس ولم يلقهم حرب قط مثلها من حرب العرب ، فاقتتل الناس قتالاً شديداً حتى انهزم المسلمون ، وخلص بنو حنيفة إلى مجاعة والى خالد ، فزال ( هرب ) خالد عن فسطاطه ، ودخل أناس الفسطاط وفيه مجاعة ( أسير خالد ) عند أم تميم ، فحمل عليها رجل بالسيف ، فقال مجاعة : أنا لها جارٌ فنعمت الحرة ، عليكم بالرجال . فرَعْبَلُوا الفسطاط بالسيوف » . أقول : في هذا الهروب عارٌ على خالد كقائد ، وعارٌ عليه كزوج أن يترك زوجته لأعدائه ويهرب ، وأن يترك أسيره مجَّاعة أيضاً . وكان مجاعة مقيداً فحل وثاقه بنو حنيفة ، لأنه من قادتهم فأمرهم بملاحقة رجال المسلمين ، فأطاعوه وتركوا زوجة خالد ، ولم يذهب معهم مجاعة وبقي أسيراً عند زوجة خالد ، ولعله قدر أن هزيمة المسلمين موقتة وأن الغلبة لهم ، فأراد أن يبقى ليخلص من يستطيع من قومه ، كما فعل . ولعله كان عاشقاً لأم تميم التي وصفوها بأنها أجمل نساء العرب ، والتي قتل خالد زوجها ابن نويرة من أجلها . وأما هزيمة خالد الثانية ، فعندما استعاد المسلمون المبادرة ، وهزموا بني حنيفة إلى حديقة المسورة بسور عال ، فجاءته الشجاعة فركب فرسه وذهب باتجاه الحديقة ، ليدخلها ويتخذ مكاناً في آخر جيشه الذي اشرف على النصر ، فيأمر وينهى ! قال ابن الأعثم في فتوحه ( 1 / 31 ) يصف شجاعة خالد !