وقدمها المأمون عبد الله بن الرشيد من خراسان فأقام بها ، ثم شخص عنها غازيا فمات بالفذندون ودفن بطرسوس . ونزلها أمير المؤمنين المعتصم بالله ثم شخص عنها إلى القاطول فنزل قصرا للرشيد كان ابتناه حين حفر قاطوله الذي دعاه أبا الجند لقيام ما يسقى من الأرضين بأرزاق جنده . ثم بنى بالقاطول بناء نزله ودفع ذلك القصر إلى اشناس التركي مولاه ، وهم بتمصير ما هناك وابتدأ بناء مدينة تركها . ثم رأى تمصير سر من رأى فمصرها ، ونقل الناس إليها ، وأقام بها ، وبنى مسجدا جامعا في طرف الأسواق وسماها سر من رأى . وأنزل اشناس مولاه فيمن ضم إليه من القواد كرخ فيروز ، وأنزل بعض قواده الدور المعروفة بالعربايي . وتوفى رحمه الله بسر من رأى في سنة سبع وعشرين ومئتين . وأقام هارون الواثق بالله بسر من رأى في بناء بناه وسماه الهاروني حتى توفى به . ثم استخلف أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله رحمه الله في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومئتين ، فأقام بالهاروني ، وبنى بناء كثيرا ، وأقطع ( ص 297 ) الناس في ظهر سر من رأى ، بالحائر الذي كان المعتصم بالله احتجره بها ، قطائع فاتسعوا بها . وبنى مسجدا جامعا كبيرا ، وأعظم النفقة ؟ عليه ، وأمر برفع منارته لتعلو أصوات المؤذنين فيها ، حتى ينظر إليها من فراسخ ، فجمع الناس فيه وتركوا المسجد الأول . ثم أنه أحدث مدينة سماها المتوكلية وعمرها وأقام بها ، وأقطع الناس فيها القطائع ، وجعلها فيما بين الكرخ المعروف بفيروز وبين القاطول المعروف بكسرى ، فدخلت الدور والقرية المعروفة بالماحوزة فيها . وبنى بها مسجدا جامعا . وكان من ابتدائه إياها إلى أن نزلها أشهر ، ونزلها في أول سنة ست وأربعين ومائتين . ثم توفى بها رحمه الله في شوال سنة سبع وأربعين ،