أثيرا عنده ، وإذا بأموال الخلافة تغمره فيدخر منها . وقصته مع المستعين ذات شأن لأنها تنير طرفا من حياته . وقد حفظها لنا ابن النديم فيما نقله عن التنوخي . فقد مدحه مدحا جميلا ، فبعث إليه سبعة آلاف دينار وكتب إليه بخطه رقعة فيها : " قد أنفذت إليك سبعة آلاف دينار . وأنا أعلم أنك ستجفى بعدي وتطرح ، وتجتدي فلا يجدى عليك . فاحفظ هذه الدنانير عندك ، فإذا بلغت بك الحال إلى هذا فأنفق منها ولا تتعرف لاحد ليبقى ماء وجهك عليك . ولك على أن لا تحتاج ظ ما عشت إلى شئ في أمر دنياك كبير أو صغير على حسب حكمك وشهوتك " [1] . وتابع المستعين جراياته وأرزاقه عليه فكان ينفق ولا يحتاج أحدا . وبلغ صاحبنا غاية ما يريد في كنف المستعين وعطفه وحدبه . وانقضت خلافة المستعين بعد أربع سنوات ، فقد أمر المعتز بقتله سنة 252 ه وهو شاب قد تخطى الثلاثين . وقد كان من المتوقع ، وقد تولى المعتز الخلافة ، أن يجفى صاحبنا ويطرح لصلته بالمستعين . لكننا نجده قريبا منه يعهد إليه بتأديب ابنه عبد الله ، وعمر عبد الله خمس سنوات . ولعل ذلك لصلته القديمة بأبيه المتوكل . ولقد رأينا أن صاحبنا كان في إعذار المعتز يوم أعذره أبوه . ثم صار أمر المعتز إلى ما صار إليه المستعين من قبل . فأمر صالح بن وصيف التركي ، بعد أربع سنوات من توليه ، أن يدخل في حمام ويسد عليه بابه . فمات وهو في ريعان صباه لم يتجاوز الخامسة والعشرين . وخلف ابنه عبد الله وهو يحدر نحو التاسعة . ولا ندري إذا كان صاحبنا تابع تأديب ابن المعتز في خلافة المهتدى ( قتل سنة 526 ) والمعتمد ( مات سنة 279 ه ) . فنحن لا نجد شيئا في المصادر يدلنا .