أكره أن تذلَّل لسانك بأحاديث السر . فحدّثت به معاوية فقال : يا وليد ، أعتقك أخي من رقّ الخطأ . وفي كتب العجم أن بعض ملوك فارس قال : « صونوا أسراركم فإنه لا سرّ لكم إلا في ثلاثة مواضع : مكيدة تحاول أو منزلة تزاول أو سريرة مدخولة تكتم ، ولا حاجة بأحد منكم في ظهور شيء منها عنه » . وكان يقال : « ما كنت كاتمه من عدّوك فلا تظهر عليه صديقك » . وقال جميل بن معمر : [ طويل ] < شعر > أموت وألقى الله يا بثن [1] لم أبح * بسّرك والمستخبرون كثير < / شعر > وقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي : [ طويل ] < شعر > ولما تلاقينا عرفت الذي بها * كمثل الذي بي جذوك النعل بالنعل فقالت وأرخت جانب السّتر إنما * معي فتكلم غير ذي رقبة أهلي [2] فقلت لها ما بي لهم من ترقّب * ولكنّ سرّي ليس يحمله مثلي < / شعر > يريد أنه ليس يحمله أحد مثلي في صيانته وستره ، أي فلا أبديه لأحد . وقال زهير [3] : [ كامل ] < شعر > السّتر دون الفاحشات ولا * يلقاك دون الخير من ستر < / شعر > وقال آخر : [ طويل ] < شعر > فسرّي كإعلاني وتلك خليقتي * وظلمة ليلي مثل ضوء نهاريا < / شعر > وقال آخر لأخ له وحدّثه بحديث : اجعل هذا في وعاء غير سرب .
[1] بثّن : منادى مرخّم ، وأصل الكلام : يا بثنة . [2] أي تكلَّم بحرية ؛ فإنك غير مراقب من قبل أهلي . والرّقبة هي الحراسة والتحفظ والفزع . [3] هو زهير بن أبي سلمى الشاعر الشهير ، وسيرد بيته المذكور في هذا الجزء من هذا الكتاب .