وحديثا ، قال الأخطل : إن أباه أمرنا ذات يوم وقد نوّرت الرياض أن نخرج إلى روضة في ظهر بيوت الحيّ فنتحدّث فيها ، فخرجنا وانبسطنا لعبا ، وخرج الرجل منا بالبكرة الكوماء [1] وبالخروف والجدي ، وقام الفتيان فاجتزروا واشتووا ودارت السّقاة علينا ، فبينما نحن كذلك رعف أبوه فما تركنا في الحيّ روثة حمار إلا نشقناه إياها فلم يرقأ [2] دمه ، فقال لنا شيخ : شدّوا خصي الشيخ عصبا ، ففعلنا ذلك فرقأ الدم ، فواللَّه ما دارت الكأس إلا دورة حتى أتانا الصريخ عن أمّه أنها قد رعفت ، فبادرنا إليها ، فواللَّه ما درينا ما نعصب منها حتى خرجت نفسها ، وعبد الملك يفحص برجليه ضحكا ، والفتى يقول : كذب واللَّه ، فقال عبد الملك : ألم تزعم أنه أعلم الناس بقديمكم وحديثكم ! . حدّثني أحمد بن عمرو وقال : كان رجل من الفقهاء في طريق مكة ، فرأى ، وهو محرم ، يربوعا [3] فرماه بعصا كانت في يده فقتله ، فقال الجمّال : أ لست محرما ؟ قال : بلى وما كانت بي إلى رميه حاجة إلا أن تعلم أنّ إحرامي لا يمنعني من ضربك . قال : وكان الأعمش يقول : من تمام الحج ضرب الجمّال . المدائنيّ قال : كان نعيمان رجلا من الأنصار وشهد بدرا وجلده النبيّ عليه السلام في الخمر أربع مرات ، فمرّ نعيمان بمخرمة بن نوفل وقد كفّ بصره فقال : ألا رجل يقودني حتى أبول ، فأخذ بيده نعيمان ، فلما بلغ مؤخّر المسجد قال : هاهنا
[1] البكرة : بنت الناقة ، والجمع أبكر وبكران . والكوماء : الضخمة السّنام . [2] رفأ الدم : جفّ وسكن وانقطع . [3] اليربوع : نوع من الفار طويل الرّجلين قصير اليدين جدا وله ذنب كذنب الجرذ يرفعه صعدا في طرفه ، والجمع يرابيع .