وقال الأحنف : أصبت الحلم أنصر لي من الرجال . قال أبو اليقظان : كان المتشمّس بن معاوية عمّ الأحنف يفضل في حلمه على الأحنف قبل ، فأمره أبو موسى أن يقسم خيلا في بني تميم فقسمها ، فقال رجل من بني سعد : ما منعك أن تعطيني فرسا ووثب عليه فمرش [1] وجهه ، فقام إليه قوم ليأخذوه ، فقال : دعوني وإياه ، إني لا أعان على واحد ، ثم انطلق به إلى أبي موسى ، فلما رآه أبو موسى سأله عما بوجهه فقال : دع هذا ولكن ابن عمّي ساخط فاحمله على فرس ، ففعل . قيل للأحنف : ما أحلمك قال : تعلَّمت الحلم من قيس [2] بن عاصم المنقري ، بينا هو قاعد بفنائه محتب بكسائه ، أتته جماعة فيهم مقتول ومكتوف وقيل له : هذا ابنك قتله ابن أخيك ، فواللَّه ما حلّ حبوته حتى فرغ من كلامه ، ثم التفت إلى ابن له في المجلس ، فقال له : قم فأطلق عن ابن عملك ووار أخاك واحمل إلى أمه مائة من الإبل فإنها غريبة ، ثم أنشأ يقول : [ طويل ] < شعر > إني امرؤ لا شائن حسبي * دنس يغيّره ولا أفن من منقر في بيت مكرمة * والغصن ينبت حوله الغصن خطباء حين يقول قائلهم * بيض الوجوه ، أعفّة لسن لا يفطنون لعيب جارهم * وهموا لحفظ جواره فطن [3] < / شعر > ثم أقبل على القاتل فقال : قتلت قرابتك ، وقطعت رحمك ، وأقللت
[1] مرش وجهه : خدشه . [2] قيس بن عاصم المنقري السعدي التميمي أحد أمراء العرب الموصوفين بالحلم والشجاعة . كان شاعرا مشهورا في الجاهلية ، وكان حرّم على نفسه الخمر . توفي نحو 20 ه . الأعلام ج 5 ص 206 . [3] وردت هذه الأبيات في العقد الفريد ( ج 2 ص 277 ) .