فأورثاها بنيهما إلى اليوم . حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ عن خلف الأحمر قال : كان أبو عروة [1] السباع يصيح بالسبع وقد احتمل الشاة فيسقط فيموت فيشقّ بطنه فيوجد فؤاده قد انخلع . وهو مثل في شدّة الصوت . قال الشاعر [2] في ذلك : [ منسرح ] < شعر > زجر أبي عروة السباع إذا * أشفق أن يلتبسن بالغنم [3] < / شعر > قال : وأبو عطية عفيف النصريّ نادى في الحرب التي كانت بين ثقيف وبين بني نصر لما رأى الخيل بعقوته [4] : يا سوء صباحاه ، أتيتم يا بني يربوع ! فألقت الحبالى أولادها ، فقيل في ذلك : [ طويل ] < شعر > وأسقط أحبال النساء بصوته * عفيف لدن نادى بنصر فطرّبا < / شعر > في أخبار وهب بن منبه أن يهوذا قال ليوسف : لتكفنّ أو لأصيحنّ صيحة لا تبقي حامل بمصر إلا ألقت ما في بطنها . محمد بن الضحاك عن أبيه قال : كان العباس بن عبد المطلب يقف على سلع فينادي غلمانه وهم بالغابة فيسمعهم وذلك من آخر الليل . وبين الغابة وبين سلع ثمانية أميال ، وسلع جبل وسط المدينة . وكان شبيب بن ربعيّ يتنحنح في داره فيسمع تنحنه بالكناسة [5] ، ويصيح براعيه فيسمع نداؤه
[1] أبو عروة السّباع رجل زعموا أنه كان يصيح بالسّبع فيموت ، ويزجر الذئب فيموت مكانه ، فيشقّ بطنه فيوجد قلبه قد زال عن موضعه وخرج عن غشائه . لسان العرب مادة ( عرا ) . [2] هو النابغة الجعدي كما في اللسان مادة ( عرا ) وهو شاعر مفلق وصحابي . عمّر فجاوز المئة وتوفي سنة 50 ه . الأعلام ج 5 ص 207 . [3] ورد هذا البيت في اللسان مادة ( عرا ) بعد البيت التالي : وأزجر مالكاشح العدوّ ، إذا اغ * تابك ، زجرا مني على وضم [4] العقوة : ما حول الدار أو ساحتها . [5] الكناسة : موضع الزبالة .