واقبلوا معهم الطبل ففزع الناس وكان أوّل من ركب الأحنف فأخذ سيفه وتقلَّده ثم مضى نحو الصوت وهو يقول : [ رجز ] < شعر > إنّ على كل رئيس حقّا * أن يخضب الصّعدة [1] أو تندقّا < / شعر > ثم حمل على صاحب الطبل فقتله ، فلما فقد أصحاب الطبل الصوت انهزموا . ثم حمل على الكردوس [2] الآخر ففعل مثل ذلك وهو وحده ، ثم جاء الناس وقد انهزم العدوّ فاتبعوهم يقتلونهم ، ثم مضوا حتى فتحوا مدينة يقال لها مرو الرّوذ [3] . سأل ابن هبيرة عن مقتل عبد اللَّه بن خازم ، فقال رجل ممن حضر : سألنا وكيع بن الدّورقيّة كيف قتلته ؟ قال : غلبته بفضل فتاء [4] كان لي عليه فصرعته وجلست على صدره وقلت له : يا لثارات دويلة . يعني أخاه من أبيه . فقال من تحتي : قتلك اللَّه ! تقتل كبش مضر [5] بأخيك وهو لا يساوي كفّ نوى ! ثم تنخّم فملأ وجهي نخامة [6] ، فقال ابن هبيرة : هذه واللَّه البسالة ! استدلّ عليها بكثرة الريق في ذلك الوقت . قال هشام لمسلمة : يا أبا سعيد ، هل دخلك ذعر قطَّ لحرب أو عدوّ قال : ما سلمت في ذلك من ذعر ينبّه على حيلة ولم يغشني فيها ذعر سلبني رأيي . قال هشام : هذه البسالة .
[1] الصّعدة : القناة المستوية التي لا تحتاج إلى تثقيف ، والجمع صعدات وصعاد . [2] الكردوس : الكتيبة من الخيل في الحرب . [3] مرو الرّوذ : أشهر مدن خراسان ، وهي مدينة مبنية على نهر ، والنهر يقال له بالعجمية « الرّوذ » والنسبة إليها ومروزيّ . وفيات الأعيان ج 1 ص 69 . [4] الفتاء : الشباب . [5] أي قبيلة مضر . [6] تنخّم : أعيا . والنّخامة : النّخاعة ، وهي ما يخرج من الصدر من البلغم .