حاربهم ودليلا على الحيلة والمكيدة ، فإن كان لا بد من المحاربة فليحاربوا بأخفّ العدّة وأيسر الآلة . وينبغي أن يغلب العدوّ على الأرض ذات الخمر [1] والشجر والأنهار للمعسكر ومصافّ الجنود ويخلَّى بين العدوّ وبين بساط الأرض ودكادكها [2] . وفي بعض كتب العجم أن بعض الحكماء سئل عن أشدّ الأمور تدريبا للجنود وشحذا لها ، فقال : إستعادة القتال وكثرة الظَّفر ، وأن تكون لها موادّ من ورائها وغنيمة فيما أمامها ؛ ثم الإكرام للجيش بعد الظَّفر والإبلاغ بالمجتهدين بعد المناصبة ، والتشريف للشجاع على رؤوس الناس . قال المدائني : قال نصر بن سيّار : كان عظماء الترك يقولون : القائد العظيم ينبغي أن تكون فيه خصال من أخلاق الحيوان : شجاعة الدّيك ، وتحنّن الدجاجة ، وقلب الأسد ، وحملة الخنزير ، وروغان الثعلب ، وختل الذئب . وكان يقال في صفة الرجل الجامع : له وثبة الأسد ، وروغان الثعلب ، وختل الذئب وجمع الذّرّة ، وبكور الغراب . وكان يقال : أصلح الرجال للحرب المجرّب الشجاع الناصح . حدّثني أبو حاتم عن الأصمعي عن أبي الأصمّ قال : قيل لعمرو بن معاوية العقيلي وكان صاحب صوائف : بم ضبطت الصوائف ؟ أي الثغور قال : بسمانة الظهر وكثرة الكعك والقديد [3] . وفي كتاب الآيين : ليكن أوّل ما تحمله معك خبزا ثم خبزا . وإياك والمفارش والثياب . أبو اليقظان قال : قال شبيب الخارجي : الليل يكفيك الجبان ونصف الشجاع . وكان إذا أمسى قال
[1] الخمر : ما واراك من شجر وغيره . [2] الدّكادك : ج دكدك ودكدك ، وهي أرض فيها غلظ . [3] القديد : اللحم المشرّر المقدّد أو ما قطع منه طولا .