بعد فإن يزيد بن معاوية أمل تأملونه وأجل تأمنونه ، إن استضفتم إلى حلمه وسعكم ، وإن احتجتم إلى رأيه أرشدكم ، وإن افتقرتم إلى ذات يده أغناكم ، جذع قارح سوبق فسبق وموجد فمجد وقورع فخرج فهو خلف أمير المؤمنين ولا خلف منه » فقال معاوية : أوسعت يا أبا أمية فاجلس . وفي مثل ذلك : قال رجل للحسن بن سهل : « أيها الأمير ، أسكتني عن وصفك تساوي أفعالك في السؤدد وحيّرني فيها كثرة عددها فليس إلى ذكر جميعها سبيل ، وإن أردت ذكر واحدة اعترضت أختها إذ لم تكن الأولى أحق بالذكر منها ، فلست أصفها إلا بإظهار العجز عن صفتها » . وفي مثل ذلك : كتب آخر إلى محمد بن عبد الملك « إن مما يطمعني في بقاء النعمة عليك ، ويزيدني بصيرة في العلم بدوامها لديك أنك أخذتها بحقها واستوجبتها بما فيك من أسبابها ، ومن شأن الأجناس أن تتواصل وشأن الأشكال أن تتقاوم ، والشيء يتغلغل في معدنه ويحنّ إلى عنصره ، فإذا صادف منبته ولزّ في مغرسه ضرب بعرقه وسمق بفرغه وتمكَّن الإقامة وثبت ثبات الطبيعة » . وفي مثل ذلك : كتب آخر إلى بعض الوزراء : « رأيتني فيما أتعاطى من مدحك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر والقمر الزاهر الذي لا يخفى على ناظر ، وأيقنت أني حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز مقصر عن الغاية فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك ، ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك » . وفي مثله كتب العتّابي إلى خالد بن يزيد : « أنت ، أيها الأمير ، وارث سلفك وبقية أعلام أهل بيتك ، المسدود بك ثلمهم والمجدّد بك قديم شرفهم