وقال عبد اللَّه [1] بن سعيد في حاجب الحجّاج [2] وكان يحجبه دائما : [ طويل ] < شعر > ألا ربّ نصح يغلق الباب دونه * وغشّ إلى جنب السرير يقرّب < / شعر > وقال آخر : [ سريع ] < شعر > ما ضاقت الأرض على راغب * يطَّلب الرزق ولا هارب بل ضاقت الأرض على طالب * أصبح يشكو جفوة الحاجب < / شعر > وحجب رجل عن باب سلطان فكتب إليه : « نحن نعوذ باللَّه من المطامع الدنيّة والهمم القصيرة وابتذال الحرّية ، فإن نفسي ، والحمد للَّه ، أبيّة ما سقطت وراء همّة ولا خذلها صبر عند نازلة ولا استرقّها طمع ولا طبعت على طبع وقد رأيتك ولَّيت عرضك من لا يصونه ووصلت ببابك من يشينه وجعلت ترجمان عقلك من يكثر من أعدائك وينقص من أوليائك ويسيء العبارة عنك ويوجه وفد الذم إليك ويضغن قلوب إخوانك عليك إذ كان لا يعرف لشريف قدرا ولا لصديق منزلة ، ويزيل المراتب عن جهل بها وبدرجاتها فيحطَّ العليّ إلى مرتبة الوضيع ويرفع الدنيّ إلى مرتبة الرفيع ويحتقر الضعيف لضعفه وتنبو عينه عن ذي البذاذة [3] ويميل إلى ذي اللباس والزينة ويقدّم على الهوى ويقبل الرّشا » .
[1] لم أقف له على ترجمة . [2] هو الحجاج بن يوسف الثقفي ، القائد الداهية السفّاك الخطيب . قلَّده عبد الملك أمر عسكره ، وقاتل عبد اللَّه بن الزبير وقمع الثورة ببغداد وبنى مدينة واسط ( بين الكوفة والبصرة ) وهو أول من ضرب درهما عليه « لا إله إلَّا اللَّه محمد رسول اللَّه » مات بواسط سنة 95 ه . الأعلام ج 20 ص 168 . [3] البذاذة : من بذّ يبذّ بذاة : ساءت حاله ورثّت هيئته .