أبو الدرداء : من يغش سدد السلطان يقم ويقعد ومن صادف بابا عنه مغلقا وجد إلى جانبه بابا فتحا ، إن دعا أجيب وإذا سأل أعطي . قال رجل لحاجبه : إنك عين أنظر بها وجنّة [1] أستنيم إليها ، وقد ولَّيتك بابي ، فما تراك صانعا برعيتي ؟ قال : أنظر إليهم بعينك وأحملهم على قدر منازلهم عندك وأضعهم في إبطائهم عن زيارتك ولزومهم خدمتك مواضع استحقاقهم وأرتّبهم حيث وضعهم ترتيبك وأحسن إبلاغك عنهم وإبلاغهم عنك . قال : قد وفّيت ما لك وما عليك إن صدّقته بفعل . وكان يقال : حاجب الرجل حارس عرضه . وقرأت في التاج أن أبرويز قال لحاجبه : « لا تقدّمنّ مستغيثا ولا تضعنّ ذا شرف بصعوبة حجاب ولا ترفعنّ ذا ضعة بسهولته . وضع الرجال مواضع أخطارهم ، فمن كان مقدّما له الشرف ممن ازدرعه [2] ولم يهدمه من بعد بنائه فقدّمه على شرفه الأوّل وحسن رأيه الآخر ، ومن كان له شرف مقدّم فلم يصن ذلك إبلاغا به ولم يزدرعه تثميرا له فألحق بآبائه مهلة سبقهم في خواصهم ، وألحق به في خاصته ما ألحق بنفسه . لا تأذن له إلا دبرا ولا تأذن له إلا سرارا [3] . وإذا ورد عليك كتاب عامل من عمّالي فلا تحبسه عني طرفة عين إلا أن أكون على حال لا تستطيع الوصول إليّ فيها ، وإن أتاك مدّع لنصيحة فاستكتبها سرّا ثم أدخله بعد أن تستأذن له . حتى إذا كان مني بحيث أراه فادفع إليّ كتابه ، فإن أحمدت قبلت وإن كرهت رفضت ، ولا ترفعنّ إليّ طلبة
[1] الجنّة : السّترة وكل ما وقى من سلاح . [2] ازدرع الرجل : زرع واحترث . [3] السّرار والدّبر من كل شيء : عقبه ومؤخّره ؛ يقال : جئتك دبر الشهر أي آخره . والسّرار من الشهر : آخر ليلة منه . والمعنى : لا تأذن له بالدخول عليك إلَّا آخر من حضر .