وكان يقال : « أخوك من صدقك وأتاك من جهة عقلك لا من جهة هواك » . السرّ وكتمانه وإعلانه حدّثني أحمد بن الخليل قال : حدثنا محمد بن الحصيب قال : حدّثني أوس بن عبد اللَّه بن بريدة عن أخيه سهل عن بريدة قال : قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : « استعينوا على الحوائج بالكتمان فإنّ كلّ ذي نعمة محسود » . وكانت الحكماء تقول : « سرّك من دمك » . والعرب تقول : « من ارتاد لسره موضعا فقد أذاعه » . حدّثني عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن قريب عن عمّه الأصمعي قال : أخبرني بعض أصحابنا قال : دخل ابن أبي محجن [1] الثقفي على معاوية ، فقال له معاوية : أبوك الذي يقول : [ طويل ] < شعر > إذا متّ فادفنّي إلى أصل كرمة * تروّي عظامي بعد موتي عروقها ولا تدفننّي في الفلاة فإنّني * أخاف وراء الموت أن لا أذوقها < / شعر > فقال ابن أبي محجن : لو شئت ذكرت أحسن من هذا من شعره . فقال معاوية : وما ذاك ؟ قال قوله : [ بسيط ] < شعر > لا تسألي القوم مالي وما حسبي * وسائلي القوم ما حزمي وما خلقي القوم أعلم أني من سراتهم * إذا تطيش يد الرّعديدة الفرق [2] أعطي السّنان غداة الرّوع حصّته * وعامل الرّمح أرويه من العلق [3] قد أركب الهول مسدولا عساكره * وأكتم السرّ فيه ضربة العنق < / شعر >
[1] هو عمرو بن حبيب بن عوف ، أحد الأبطال الشعراء الكرماء . أسلم سنة 9 ه . ولكنه كان منهمكا في شرب النبيذ فحدّه عمر مرارا فترك النبيذ . توفي سنة 30 ه . الأعلام ج 5 ص 76 . [2] ج سريّ ، وهو السيد الشريف السّخيّ . والرّعديدة : الجبان . والفرق : الشديد الفزع . [3] العلق : الدم .