* ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) * المقدمة هذا كتاب « عيون الأخبار » أقدّمه للقارئ الكريم بحلَّة جديدة بعد أن تجشّمت عناء مراجعته غير مرة . ألَّفه ابن قتيبة ليكون تذكرة لأهل العلم وتبصرة لمغفل التأدّب ومستراحا للملوك من كدّ الجدّ والتعب وذلك حين تبيّن شمول النقص وشغل الخليفة العباسي عن إقامة سوق الأدب . يقول في مقدمة هذا الكتاب : « وإني تكلَّفت لمغفل التأدّب من الكتّاب كتابا في المعرفة وفي تقويم اللسان واليد حين تبيّنت شمول النقص ودروس العلم وشغل السلطان عن إقامة سوق الأدب حتى عفا ودرس . . . » وفي مقدمة كتابه « أدب الكاتب » أوضح أيضا حال الأدب المتردّية في عصره فقال : « فإني رأيت أكثر أهل زماننا هذا عن سبيل الأدب ناكبين [1] ، ومن اسمه متطيّرين [2] ، ولأهله كارهين : أما الناشئ [3] منهم فراغب عن التعليم ، والشادي [4] تارك للازدياد ، والمتأدّب في عنفوان الشباب ناس أو متناس . . . وصار العلم عارا على صاحبه ، والفضل نقصا ، وأموال الملوك وقفا على شهوات النفوس . . . » ونحن نقول : كيف يجرؤ
[1] ناكبين : ج ناكب وهو العادل عن الشيء . [2] متطيّرين : متشائمين . [3] الناشئ : الحدث الشاب . [4] الشادي : الذي شدا من العلم شيئا ، أي أخذ منه طرفا وتعلَّمه .