نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني جلد : 1 صفحه : 399
وأقبلت على فترة من تخاذل الملوك وتهاوُن الناس ، فأكرمْ بها نعمة وصلت للملة المحمدية أسباباً ، وفتحت للفتوحات أبوابا ، وهزمت من التتار والفرنج العدوين ، ورابطت من الملح الأجاج والعذب الفُرات بالبرين والبحرين ، وجعلت عساكر الإسلام تذل الفرنج بغزوهم في عقر الدار ، وتجوس من حصونهم المانعة خلال الديار والأمصار ، وتقود من فضل عن شبع السيف الساغب إلى حلقات الإسار ، ففرقةٌ منها تقتلع للفرنج قلاعا وتهدم حصونا ، وفرقة تبنى ما هدم التتار بالمشرق وتعليه تحصينا ، وفرقة تتسلم بالحجاز قلاعاً شاهقة ، وتتنسم هضابا سامقة ، فهي بحمد الله البانية الهادمة ، والقاسية الراحمة ، كل ذلك بمن أقامه الله سيفا فقرى ، وحملت رياح النصرة بركابه تسخيرا ، فسار إلى مواطن الظفر وسرى ، وكونته السعادة ملكا إذا رأته في دستها قالت : ما هذا بشراً ، وهو السلطان الملك الظاهر ركن الدنيا والدين أبو الفتح بيبرس ، جعل الله سيوفه مفاتيح البلاد ، وأعلامه أعلاما على رأسها من الأسنة نار لهداية العباد ، فإنه آخذ البلاد ومعطيها ، وواهبها بما فيها ، وإذا عامله الله بلطفه شكر ، وإذا قدر عفا وأصلح ، فوافقه القدر ، وإذا أهدت إليه النصرة فتوحات قسمها في حاضريها [ 517 ] لديه متكرما وقال : الهدية لمن حضر ، وإذا خوله الله تخويلا وفتح على يديه قلاعا ، جعل الهدم للأسوار ، والدماء للسيف البتار ، والرقاب للإسار ، والبلاد المزدرعة للأولياء
399
نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني جلد : 1 صفحه : 399