نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 97
عاملا لزبيدة [1] كتب إليها كتابا فوقّعت في ظهره « أن أصلح كتابك وإلَّا صرفناك عن عملك » فتأمله فلم يظهر له فيه شيء ، فعرضه على بعض إخوانه فرأى فيه في الدعاء لها : وأدام كرامتك ، فقال : « إنها تخيّلت أنك دعوت عليها فإنّ كرامة النساء دفنهنّ » ، فغيّر ذلك وأعاد الكتاب إليها فقبلته ؛ ومن كان هذا شأنه فكيف يقال إنه لم يؤهل للكتابة ؟ . فالجواب أن حديث عائشة لم يصرّح فيه بأنها كتبت بنفسها ولعلها أمرت من يكتب فكتب كذلك بإملائها أو دونه ، وإن ثبت ذلك عنها فغيرها لا يقاس عليها ، ومن عداها من النساء لا عبرة به . الصفة الثالثة ، الحرّية - فقد شرطوا في كاتب القاضي أن يكون حرّا : لما في العبد من النقص ، فلا يعتمد في كل القضايا ، ولا يوثق به في كل الأحوال ؛ فكاتب السلطان كذلك بل أولى كما تقدّم . الصفة الرابعة ، التكليف - كما في كاتب القاضي فلا يعوّل على الصبيّ في الكتابة إذ لا وثوق به ولا اعتماد عليه . الصفة الخامسة ، العدالة - فلا يجوز أن يكون الكاتب فاسقا فإنه بمنزلة كبيرة ، ورتبة خطيرة ، يحكم بها في أرواح الناس وأموالهم : لأنه لو زاد أدنى كلمة أو حذف أيسر حرف أو كتم شيئا قد علمه أو تأوّل لفظا بغير معناه أو حرّفه عن جهته ، أدّى ذلك إلى ضرر من لا يستوجب الضرر ، ونفع من يجب الإضرار به ، وكان قد موّه على الملك حتى مدح المذموم وذمّ الممدوح . فمتى لم يكن له دين يحجزه عن ارتكاب المآثم ويزعه عن احتقاب [2]
[1] هي زبيدة بنت جعفر الهاشمية العباسية زوجة هارون الرشيد وأم الأمين . اسمها أمة العزيز وغلب عليها لقبها زبيدة . توفيت سنة 216 ه . ( الأعلام 3 / 42 ) . [2] احتقب فلان المحارم : جمعها ( البستان 1 / 550 ) .
97
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 97