responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 89


الفصل الثالث في ترجيح النثر على الشعر اعلم أنّ الشعر وإن كان له فضيلة تخصه ومزية لا يشاركه فيها غيره من حيث تفرّده باعتدال أقسامه وتوازن أجزائه وتساوي قوافي قصائده ، مما لا يوجد في غيره من سائر أنواع الكلام ، مع طول بقائه على ممرّ الدهور وتعاقب الأزمان ، وتداوله على ألسنة الرّواة وأفواه النّقلة لتمكَّن القوّة الحافظة منه بارتباط أجزائه وتعلَّق بعضها ببعض ، مع شيوعه واستفاضته وسرعة انتشاره وبعد مسيره وما يؤثّره من الرّفعة والضّعة باعتبار المدح والهجاء ، وإنشاده بمجالس الملوك الحافلة والمواكب الجامعة التقريظ وذكر المفاخر وتعديد المحاسن ، وما يحصل عليه الشاعر المجيد من الحباء الجسيم والمنح الفائق ، الذي يستحقه بحسن موقع كلامه من النفوس وما يحدثه فيها من الأريحيّة ، وقبوله لما يرد عليه من الألحان المطربة المؤثّرة في النفوس اللطيفة والطباع الرقيقة ، وما اشتمل عليه من شواهد اللغة والنحو وغيرهما من العلوم الأدبية وما يجري مجراها ، وما يستدلّ به منها في تفسير القرآن الكريم وكلام من أوتي جوامع الكلم ، ومجامع الحكم ، صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، وكونه ديوان العرب ومجتمع تمكنها والمحيط بتواريخ أيامها وذكر وقائعها وسائر أحوالها ، إلى غير ذلك من الفضائل الجمّه ، والمفاخر الضّخمة ، فإن النثر أرفع منه درجة ، وأعلى رتبة ، وأشرف مقاما ، وأحسن نظاما ، إذ الشعر محصور في وزن وقافية يحتاج الشاعر معها إلى زيادة الألفاظ والتقديم فيها والتأخير ، وقصر الممدود ومدّ المقصور ، وصرف ما لا ينصرف ومنع ما ينصرف من الصرف ، واستعمال الكلمة المرفوضة وتبديل اللفظة الفصيحة بغيرها ، وغير ذلك مما تلجىء إليه ضرورة الشعر فتكون معانيه تابعة لألفاظه ؛ والكلام المنثور لا يحتاج فيه إلى شيء من ذلك فتكون ألفاظه تابعة لمعانيه ؛ ويؤيد ذلك أنك إذا اعتبرت ما نقل من معاني النثر إلى النظم وجدته قد انحطَّت رتبته . ألا ترى إلى قول أمير المؤمنين عليّ كرم اللَّه وجهه « قيمة كلّ امرىء ما يحسن » أنه لما نقله الشاعر إلى قوله :

89

نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست