نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 87
المتعصبين قد رجّح كتابة الأموال على كتابة الإنشاء بمغالطات أوردها ، وتزويرات زخرفها ونمّقها ، لا تخفى على متأمل ، ولا تتغطَّى على ذي ذهن سليم . وقد أورد الحريريّ في « المقامة الثانية والعشرين » المعروفة بالفراتّية ألفاظا قلائل في المفاخرة بين كتابتي الإنشاء والأموال ، فقال على لسان أبي زيد السروجي : [1] . « إعلموا أن صناعة الإنشاء أرفع ، وصناعة الحساب أنفع ، وقلم المكاتبة خاطب ، وقلم المحاسبة حاطب ، وأساطير البلاغة تنسخ لتدرس ، ودساتير الحسبانات تنسخ وتدرس ، والمنشىء جهينة [2] الأخبار ، وحقيبة الأسرار ، ونجيّ العظماء ، وكبير النّدماء ، وقلمه لسان الدولة ، وفارس الجولة : ولقمان الحكمة ، وترجمان الهمّة ، وهو البشير والنذير ، والشفيع والسفير ؛ به تستخلص الصّياصي [3] ، وتملك النّواصي ، ويقتاد العاصي ، ويستدنى القاصي ؛ وصاحبه برىء من التّبعات ، آمن كيد السّعات ، مقرّظ بين الجماعات ، غير معرّض لنظم الجماعات [4] . ثم عقب كلامه بأن قال : « إلا أن صناعة الحساب موضوعة على التحقيق ، وصناعة الإنشاء مبنيّة على التلفيق ، وقلم الحاسب ضابط ، وقلم المنشىء خابط ؛ وبين إتاوة توظيف المعاملات ، وتلاوة طوامير السّجلَّات ، بون لا يدركه قياس ، ولا يعتوره
[1] المظهر بن سلار السروجي ، وهو الذي أنشأ الحريري مقاماته على لسانه . كان تلميذا للحريري في البصرة . توفي سنة 540 ه . ( الأعلام 7 / 253 ) . [2] أي الموثوق الأخبار . يقول العرب : « وعند جفينة الخبر اليقين » وفي رواية أخرى : وعند جهينة « المستقصى في أمثال العرب 2 / 169 ونهاية الأرب للقلقشندي 204 ) . [3] هي الحصون ( البستان 1 / 1380 ) . [4] قال دي ساسي : « غير معرض أي غير مكلَّف لنظم الجماعات : يعني جماعة مراسم أهل الأجناد وما تشتّت من وجوه الخرج والدخل في البلاد . والمراد بنظمها عقد حسابها وإثباتها في كتابها » . ( انظر مقامات الحريري : شرح دي ساسي ) .
87
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 87