نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 300
أيها الناس ارعووا وارجعوا ! إنكم أصبحتم في فتنة غشّتكم جلابيب الظَّلم ، وجارت بكم عن قصد المحجّة . فيا لها فتنة عمياء ، صماء ، بكماء لا تسمع لناعقها ، ولا تسلس لقائدها . إن المصباح لا يضيء في الشمس ، والكواكب لا تنير مع القمر ، ولا يقطع الحديد إلا الحديد . ألا من استرشد أرشدناه ، ومن سألنا أخبرناه . أيها الناس إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها ، فصبرا يا معاشر المهاجرين والأنصار على الغصص ؛ فكأن قد اندمل شعب الشّتات ، والتأمت كلمة التقوى ، ودمغ الحقّ باطله ! فلا يجهلنّ أحد فيقول كيف العدل وأنّى : ليقضي اللَّه أمرا كان مفعولا . ألا وإن خضاب النساء الحنّاء ، وخضاب الرجال الدّماء ! ولهذا اليوم ما بعده ، والصبر خير في عواقب الأمور . إيها لحرب قدما غير ناكصين ، ولا متشاكسين . ثم قال لها يا زرقاء لقد شركت عليّا في كل دم سفكه - قالت أحسن اللَّه بشارتك ، وأدام سلامتك ؛ فمثلك من بشّر بخير وسر جليسه - قال ويسرك ذلك ؟ - قالت : نعم سررت بالخبر فأنّى لي بتصديق الفعل ؟ فضحك معاوية وقال : لوفاؤكم له بعد موته أعجب عندي من حبّكم له في حياته ! اذكري حاجتك . قالت يا أمير المؤمنين آليت على نفسي أن لا أسأل أميرا أعنت عليه أبدا ، ومثلك من أعطى من غير مسألة ، وجاد من غير طلبة - قال صدقت ، وأمر لها وللذين جاؤا معها بجوائز وكسا . وقريب من ذلك كلام عكرشة بنت الأطرش يوم صفّين أيضا . يروى أنها دخلت على معاوية متوكَّئة على عكَّاز لها فسلمت عليه بالخلافة ، ثم جلست - فقال لها معاوية : الآن صرت عندك أمير المؤمنين ؟ قالت : نعم إذ لا عليّ حيّ ! - قال ألست المتقلدة حمائل السيف بصفّين ؟ وأنت واقفة بين الصّفّين تقولين : أيها الناس ! عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم . إن الجنة لا يحزن من قطنها ، ولا يهرم من سكنها ، ولا
300
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 300