نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 294
وآثر رضاه ، وطلب ما عنده ، أمسك لسانه وأطبق فاه ، وجعل سعيه لما وراه . فقال علي رضي اللَّه عنه : مهلا يا أبا حفص واللَّه ما بذلت ما بذلت وأنا أريد نكثه ، ولا أقررت ما أقررت وأنا أبتغي حولا عنه . وإن أخسر الناس صفقة عند اللَّه من آثر النفاق ، واحتضن الشّقاق وفي اللَّه سلوة عن كل حادث ، وعليه التوكَّل في جمع الحوادث . ارجع يا أبا حفص إلى مجلسك ناقع القلب ، مبرود الغليل ، فسيح اللَّبان [1] ، فصيح اللَّسان ، فليس وراء ما سمعت وقلت إلا ما يشدّ الأزر ، ويحط الوزر ، ويضع الإصر ، ويجمع الألفة بمشيئة اللَّه وحسن توفيقه . قال أبو عبيدة رضي اللَّه عنه : فانصرف عليّ وعمر رضي اللَّه عنهما . وهذا أصعب ما مرّ عليّ بعد رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم . ومن ذلك كلام عائشة رضي اللَّه عنها في الانتصار لأبيها . يروى أنه بلغ عائشة رضي اللَّه عنها أن أقواما يتناولون أبا بكر رضي اللَّه عنه فأرسلت إلى أزفلة [2] من الناس فلما حضروا ، أسدلت أستارها ، وعلت وسادها . ثم قالت : أبي ، وما أبيّه ! أبي واللَّه لا تعطوه [3] الأيدي ، ذاك طود منيف ، وفرع مديد ، هيهات كذبت الظَّنون ، أنجح إذ أكديتم [4] ، وسبق إذ ونيتم سبق الجواد إذا استولى على الأمد ؛ فتى قريش ناشئا ، وكهفها كهلا ، يفك عانيها ويريش مملقها ، ويرأب شعبها ، ويلم شعثها حتّى حليته قلوبها ، ثم استشرى في دين اللَّه فما برحت شكيمته في ذات اللَّه عز وجل حتّى اتخذ بفنائه مسجدا يحيى فيه ما أمات المبطلون ؛ وكان رحمه اللَّه غزير الدّمعة ، وقيذ الجوانح ، شجيّ النّشيج ، فانقضّت إليه نسوان مكة وولدانها يسخرون منه
[1] اللَّبان هو الصدر . ( اللسان 13 / 376 ) . [2] الأزفلة بفتح الهمزة والفاء : الجماعة من الناس . ( اللسان 11 / 305 ) . [3] لا تبلغه فتتناوله ( اللسان 15 / 68 ) . [4] أي بخلتم . ( اللسان 15 / 216 ) .
294
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 294