responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 290


حقّك فيما آتاك اللَّه ، ولكن لك من يزاحمك بمنكب أضخم من منكبك ، وقرب أمسّ من قرابتك ، وسنّ أعلى من سنك ، وشبيبة أروع من شبيبتك ، وسيادة لها أصل في الجاهلية ، وفرع في الإسلام ، ومواقف ليس لك فيها جمل ولا ناقة ، ولا تذكر منها في مقدّمة ولا ساقة ، ولا تضرب فيها بذراع ولا إصبع ، ولا تخرج منها ببازل ولا هبع [1] . ولم يزل أبو بكر حبّة قلب رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، وعلاقة نفسه ، وعيبة سره ، ومفزع رأيه ومشورته ، وراحة كفه ، ومرمق طرفه . وذلك كله بمحضر الصادر والوارد من المهاجرين والأنصار ، شهرته مغنية عن الدليل عليه . ولعمري إنك أقرب إلى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم قرابة ، ولكنه أقرب منك قربة ، والقرابة لحم ودم ، والقربة نفس وروح . وهذا فرق عرفه المؤمنون ولذلك صاروا إليه أجمعون ، ومهما شككت في ذلك ، فلا تشكّ أن يد اللَّه مع الجماعة ، ورضوانه لأهل الطاعة ، فادخل فيما هو خير لك اليوم ، وأنفع لك غدا ، والفظ من فيك ما يعلق بلهاتك ، وانفث سخيمة صدرك عن تقاتك ، فإن يك في الأمد طول ، وفي الأجل فسحة ، فستأكله مريئا أو غير مريء ، وستشربه هنيئا أو غير هنيء ، حين لا رادّ لقولك إلا من كان آيسا منك ، ولا تابع لك إلا من كان طامعا فيك يمضّ إهابك ، ويعرك أديمك ، ويزري على هديك . هنالك تقرع السنّ من ندم ، وتجرع الماء ممزوجا بدم ، وحينئذ تأسى على ما مضى من عمرك ، ودارج قوّتك ، فتودّ أن لو سقيت بالكأس التي أبيتها ، ورددت إلى حالتك التي استغويتها ، وللَّه تعالى فينا وفيك أمر هو بالغه ، وغيب هو شاهده ، وعاقبة هو المرجوّ لسرّائها وضرّائها ، وهو الوليّ الحميد ، الغفور الودود .
قال أبو عبيدة ، فتمشيت متزملا أنوء كأنما أخطو على رأسي ، فرقا من الفرقة ، وشفقا على الأمّة ، حتّى وصلت إلى عليّ رضي اللَّه عنه في خلاء ،



[1] البازل هو البعير . والهبع الفصيل الذي ينتج في الصيف . تقول العرب : ما له هبع ولا ربع . فالرّبع ما نتج في أول الربيع ، والهبع ما نتج في الصيف . ( اللسان 8 / 366 و 11 / 52 ) .

290

نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست