نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 159
الأمر التاسع نظره في أمر العيون والجواسيس وهو جزء عظيم من أسّ الملك وعماد المملكة . وعلى صاحب ديوان الإنشاء مداره وإليه رجوع تدبيره واختيار رجاله وتصريفهم . فيجب عليه الاحتياط في أمر الجواسيس أكثر مما يحتاط في أمر البريديّة والرّسل : لأن الرسول قد يتوجه إلى الصديق وقد يتوجه إلى العدوّ ، والجاسوس لا يتوجه إلا إلى العدوّ ، وإذا وثق بجاسوسه فإنه إلى ما يأتي به صائر ، وعليه معتمد ، وبه فاعل . وقد شرطوا في الجاسوس شروطا : منها أن يكون ممن يوثق بنصيحته وصدقه ، فإن الظنين لا ينتفع بخبره وإن كان صادقا لأنه ربما أخبر بالصدق فاتّهم فيه فتفوت فيه المصلحة . بل ربما آثر الضرر لمن هو عين له إذ المتهم في الحقيقة عين عليك لا عون لك . وكيف يكون المتهم أمينا ! لا سيما فيما يصرف فيه جليل الأموال من القضايا العظيمة إن سلمت نفيسات النفوس . ومنها أن يكون ذا حدس صائب وفراسة تامّة : ليدرك بوفور عقله وصائب حدسه من أحوال العدوّ بالمشاهدة ما كتموه عن النطق به ، ويستدلّ فيما هو فيه ببعض الأمور على بعض ؛ فإذا تفرّس في قضية ولاح له أمر آخر يعضدها قوي بحثه فيها بانضمام بعض القرائن إلى بعض . ومنها أن يكون كثير الدّهاء والحيل والخديعة : ليتوصل بدهائه إلى كل موصل ، ويدخل بحيلته في كل مدخل ، ويدرك مقصده من أيّ طريق أمكنه . فإنه متى كان قاصرا في هذا الباب أو شك أن يقع ظفر العدوّ به أو يعود صفر اليدين من طلبته . ومنها أن يكون له دربة بالأسفار ومعرفة بالبلاد التي يتوجه إليها : ليكون أغنى له عن السؤال عنها وعن أهلها ، فربما كان في السؤال تنبّه له وتيقّظ لأمره
159
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 159