responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 120


فاستشعروا ذلكم وفقكم اللَّه من أنفسكم في حالة الرخاء ، والشدّة ، والحرمان ، والمواساة ، والإحسان ، والسراء ، والضراء ، فنعمت الشيمة هذه لمن وسم بها من أهل هذه الصناعة الشريفة ! فإذا ولَّي الرجل منكم أو صيّر إليه من أمر خلق اللَّه وعياله أمر ، فليراقب اللَّه عز وجل ، وليؤثر طاعته ، وليكن على الضعيف رفيقا ، وللمظلوم منصفا ، فإن الخلق عيال اللَّه وأحبهم إليه أرفقهم بعياله . ثم ليكن بالعدل حاكما ، وللأشراف مكرما ، وللفيء موفّرا ، وللبلاد عامرا ، وللرعية متألَّفا ، وعن إيذائهم متخلَّفا ؛ وليكن في مجلسه متواضعا حليما ، وفي سجلَّات خراجه ، واستقضاء حقوقه رفيقا ، وإذا صحب أحدكم رجلا فليختبر خلائقه ، فإذا عرف حسنها وقبيحها أعانه على ما يوافقه من الحسن واحتال لصرفه عما يهواه من القبيح ألطف حيلة ، وأجمل وسيلة .
وقد علمتم أن سائس البهيمة إذا كان بصيرا بسياستها التمس معرفة أخلاقها ، فإن كانت رموحا [1] لم يهجها إذا ركبها ، وإن كانت شبوبا [2] اتّقاها من قبل يديها ، وإن خاف منها شرودا توقّاها من ناحية رأسها ، وإن كانت حرونا قمع برفق هواها في طريقها ، فإن استمرت عطفها يسيرا فيسلس له قيادها . وفي هذا الوصف من السياسة دلائل لمن ساس الناس وعاملهم وخدمهم وداخلهم .
والكاتب بفضل أدبه ، وشريف صنعته ، ولطيف حيلته ، ومعاملته لمن يحاوره من الناس ويناظره ، ويفهم عنه أو يخاف سطوته ، أولى بالرفق بصاحبه ومداراته ، وتقويم أوده من سائس البهيمة التي لا تحير جوابا ، ولا تعرف صوابا ، ولا تفهم خطابا ، إلا بقدر ما يصيّرها إليه صاحبها الراكب عليها . ألا فأمعنوا رحمكم اللَّه في النظر ، وأعملوا فيه ما أمكنكم من الرويّة والفكر ، تأمنوا بإذن اللَّه ممن صحبتموه النّبوة والاستثقال والجفوة ؛ ويصير [3] منكم إلى



[1] التي ترفس . ( اللسان 2 / 454 ) .
[2] التي ترفع يديها . ( البستان 1 / 1180 ) .
[3] كذا في الأصل . ولعل ثبوت الياء قبل الراء من زيادة الناسخ ، وحكمها مثل حكم « تأمنوا » مجزومة على أنها جواب لشرط محذوف .

120

نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 120
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست