نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 108
لأن الضمائر المذوقة [1] والنيات السقيمة لا بد أن يصرّح بما فيها ويظهر ما في دخيلتها ؛ وإذا اتضح ذلك للسلطان لم يقنع إلا بإتلاف نفسه ، وإذهاب مهجته . ومنها النصيحة ، وهي ترب الإخلاص . والطريق الموصل إلى التوفية بها أن يطالع السلطان بكل ما يفتقر إلى العلم به من خاصّ أموره وعامّها ؛ وعلى من استخلصه السلطان لنفسه ، وائتمنه على رعيته ، وأنطقه بلسانه ، وأخذ وأعطى بيده ، وأورد وأصدر برأيه ، وتخيّره لهذه المنزلة من بين رؤساء دولته وأعيان مملكته ، أن لا يستر عنه دقيقا ولا جليلا من أحوال ما فوّضه إليه ، ولا يقف عن إنهاء تفاصيله وجمله توقّيا من لوم لائم ، ولا يحمله فرط النصح له على الإضرار برعيته ، ولا الرغبة في إثبات حقه على تضييع حقوقها ، ولا القيام بما يجب له دون ما يجب لها - فإنها به وهو بها . ومنها الاجتهاد فيما يباشره من أحوال سلطانه بما يعود عليه نفعه بحيث لا يبقي في ذلك ممكنا ، ولا يدع فيه شأوا للاحق . ومنها كتمان السر . وهو من أفضل الآداب في صحبة السلطان وغيره ، وأعودها بالفلاح على صاحبها لأن كثرة الانتشار الداخل على الدول إنما توجّه بتفريط بطائنها وصاحبها في أسرارها ، وإظهارهم بما تقرّر في أذهان الملوك وعزائمهم قبل أن يظهروه ؛ فيجد العدوّ بذلك الطريق إلى معالجة آرائهم بما ينقضها ، ومقابلتها بما يفسدها . على أن إفشاء السر من الأخلاق التي طبع أكثر الناس عليها ، وحيل بينهم وبين الإقلاع عنها ؛ فمن علم من نفسه ذلك فليحذر معاملة السلطان في أسراره وبواطن أموره ، ولا سيما ما وجد
[1] لعله : الممذوقة ، أي غير الخالصة ، من قولهم : مذق فلان الودّ إذا لم يخلصه . ( القاموس 3 / 291 ) .
108
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 108