responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 107


جسيم ، بتمليكه نفسه لمتحكم في شعره وبشره ، قادر على نفعه وضرّه ، لا يردّه عن مقابلته على يسير الخيانة بكبير النّكاية إلا ما يؤمّل من صفحه ومسامحته ، ويرجو من عطفه ورأفته . وأوّل ما يجب على المتصل بخدمة السلطان النظر في عواقب أموره ، وحفظ نفسه من جريرة يجرّها عليها بإغفاله فرضا من فروض طاعته ، وتضييعه المحافظة على حقوق خدمته ، والعلم بأن لكل مصحوب خلقا يغلب عليه ، ويرجع بغريزة الطبع إليه ، لا يمكنه النزوع عنه ولا المفارقة له ؛ إذ الانتقال عن الطَّباع ، شديد الامتناع ، في الخدم والأتباع ؛ فكيف الملوك والرؤساء الذين لا يقابلون بلوم على خلق مذموم ؛ بل العادة جارية في أدب خدمتهم بأن يصوّبوا ما يركبونه من خطإ ويحسّنوا ما يواقعونه من قبح فعليه أن ينزل عن أخلاقه لأخلاق سلطانه ، وما خالف سجيته في إصلاح زمانه ، وأن ينزل عن هواه لهواه ، ويتّبع فيما يسخطه ويأباه ، ما يؤثره سلطانه ويرضاه . وينبغي أن لا يعرّض نفسه لما يسقط منزلته ويفسد عاقبته ولا يوجد للزمن طريقا إلى التنكر له ، ويعينه بتفويق [1] سهامه والتصدّي لمواقعها . وقد علم أن الزمان وأن عمّ بنوائبه فإنه يخصّ صاحب السلطان منها بما يزيد على نصيب غيره . ومن أشق الأحوال أن يدفع الإنسان إلى تغير السلطان مع كون السبب في ذلك شيئا جرّه إلى نفسه بسوء اختياره ، لما يجتمع عليه في ذلك من مرارة النّكبة ، وحرارة المغبّة ، وتقريع من يزري على عقله ، ويؤنّبه بجهله .
ثم أنه يلزمه بعد الاحتياط فيما تقدّم عدّة خصال أيضا .
منها الإخلاص وهو قوام الأمر في المصاحبة ؛ فإنّ من صحب سلطانا بعقيدة مدخولة في ولايته ، مشوبة في محبته ، لم ينتظم له ولا لسلطانه أمر ؛



[1] بتكسير سهامه . فاق الشيء يفوقه إذا كسره . وسهم أفوق : مكسور لا نصل له . ( اللسان 10 / 320 ) .

107

نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست