نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 321
بالطبريّ قد دخل إلى الحقّ . فقلت له : أيها القاضي هذا أبو جعفر الطبريّ قد جاء مقبلا ، فأومأ إليه بالجلوس عنده ، فعدل إليه وجلس إلى جانبه ، وأخذ يجاريه ، فكلما جاء إلى قصيدة ذكر الطبريّ منها أبياتا ، قال أبي : هاتها يا أبا جعفر ! إلى آخرها ، فيتلعثم الطبريّ فينشدها أبي إلى آخرها ، وكلما ذكر شيئا من السّير ، قال أبي هذا كان في قصة فلان ، ويوم بني فلان ، مرّ يا أبا جعفر فيه فربما مرّ فيه ، وربما تلعثم ، فيمرّ أبي في جميعه . ثم قمنا ، فقال لي أبي : الآن شفيت صدري . وأما أشعار المحدثين ، فللطف مأخذهم ، ودوران الصناعة في كلامهم ، ودقة توليد المعاني في أشعارهم ، وقرب أسلوبهم من أسلوب الخطابة ، والكتابة ، وخصوصا المتنبي ، الذي كأنه ينطق عن ألسنة الناس في محاوراتهم ، وكثر الاستشهاد بشعره حتى قلّ من يجهله ؛ فإذا أكثر المترشح للكتابة من حفظ الأشعار وتدبّر معانيها ، ساقه الكلام إلى إبراز ذخيرة ما في حفظه منها ، فاستعملها في محلها ، ووضعها في أماكنها ، على حسب ما يقتضيه الحال في إيرادها واقتباس معانيها . المقصد الثاني في كيفية استعمال الشعر في صناعة الكتابة إعلم أن للكاتب في استعمال الشعر في كتابته ثلاث حالات : الحالة الأولى الاستشهاد وهو أن يورد البيت من الشعر ، أو البيتين ، أو أكثر في خلال الكلام المنثور مطابقا لمعنى ما تقدم من النثر ؛ ولا يشترط فيه أن ينبه عليه « بقال » ونحوه ، كما يشترط في الاستشهاد بآيات القرآن والأحاديث النبوية ، فإن الشعر يتميز بوزنه وصيغته عن غيره من أنواع الكلام ، فلا يحتاج إلى التنبيه عليه . وأكثر ما
321
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 321