وكان من الطبيعي أن يتحرك هذا الشعور - لأول وهلة - في المؤسسة التي تعتبر نفسها - بحكم مهمتها - مسؤولة عن إعداد ذلك كله ، والتي كان لها الدور الكبير في انبثاق الثورة ، وفي نموّها ، وتكاملها ، ألا وهي الحوزات العلميّة الإسلاميّة .
وفي طليعتها الحوزة الموجودة في قم المشرفة ، فإنّها وجدت نفسها معنية مباشرة بالبحث عن تلك المناهج والنظم ، والحلول والأجوبة ، وهي المطالبة بذلك من قبل الآخرين .
ولذلك فقد شهدت الحوزات العلميّة حماساً ونشاطاً قوياً في هذا المجال ، وأنشئت المؤسسات ، وشكّلت الهيئات والتجمّعات ، للعمل في مجال التحقيق .
ونستطيع أن نقول : إنّها قد حققت إنجازات تستحق التقدير والإعجاب ، إذا لوحظت التركيبة الحوزوية ، وطبيعة الأعراف المهيمنة عليها في حركتها ، وفي علاقاتها وفي نظامها المهيمن عليها .
ولكن الحقيقة هي : أنّ ما حصل لم يكن خالياً عن الإشكال ، الذي ينشأ من نفس هذا الذي أشرنا إليه آنفاً ، أي ينشأ من التركيبة الحوزوية ومن النظام المهيمن على حركتها .
وقد وجدنا : أنّ الكثيرين من الذين تصدّوا لهذه المهمات هم من الشباب المتوثب والمخلص والغيور ، وقد يكون هؤلاء الشباب على درجة جيدة من العلم والفهم ، وقدة النظر ، ولكن قد يحتاج الكثيرون منهم إلى المزيد من الخبرة والتجربة في مجال العمل التحقيقي ، وإعداد الدراسات المعمقة .

84