فإنّه ليس فقط لا تقلل الدوافع إليه من قيمته وأهميته ، وإنما تكسبه قيمة وأهمية وشرفاً ، كما أنّه يكتسب منها عمقاً وأصالة ودقة ، وذلك حينما تكون أهدافاً نبيلة وفاضلة ، تهدف إلى معرفة مستوى تأثير القيم والمثل في الحدث ، أو في التحضير له ، أو في آثاره ونتائجه ، ومعرفة تفاعلاتها ، وذلك من أجل أن يجد الإنسان الأسوة والقدوة في حركته في الحياة ، وفي الجهد التربوي ، وفي المواقف والسلوك ، وسائر أنحاء التعامل ، حينما يثبت له : أنّه مسؤول عن ذلك أمام الله وأمام الضمير والوجدان ، وبحكم العقل والفطرة . .
ورابعاً : إذا كنّا جميعاً لا نعترض على البحوث التي تهدف إلى القيام ببعض المقارنات فيما بين بعض الظواهر وإفرازاتها وتأثيراتها في الوضع السياسي والاقتصادي مثلاً في مجتمع كان قد عاش قبل مئة سنة ، ونظيرها ممّا هو موجود في عصرنا الحاضر ونعتبر أنّ ذلك إنجاز هام يستحق صاحبه المزيد من التقدير والاحترام .
إذا كنّا جميعاً لا نعترض على ذلك فأي فرق بين هذا الهدف ، الذي هو هذه المقارنة المشار إليها ، وبين التعرّف على نوعيّة ومدى تأثير القيم والمثل في مجتمعنا الإسلاميّ ، ليصار إلى تقوية تلك المثل والقيم وترسيخها .
ولماذا إذا كان الهدف سياسياً أو اقتصادياً واجتماعياً ، أو غير ذلك فإنّه يكون مقبولاً ، ومرضياً وإذا كان هو ترسيخ القيم ، وإشاعتها يكون مرفوضاً ومبغوضاً ، مع أنّه إذا كان هذا يقلل من قيمة البحث العلميّ ، فذاك كذلك ، وكذلك الحال في صورة العدم ، فإنّهما في ذلك على حدّ سواء . .

58