وبعد ذلك كله ، فإنّهم قد زعموا : أنّ الإجماع : « نبوة بعد نبوة » ولك يكتفوا بذلك حتى جعلوا الفتوى حقاً للأمراء والحكّام وسمحوا بها فقط لبعض من يلتقون معهم في الفكر والسياسة .
بالإضافة إلى تعطيلهم لدور العقل ، ومنعوه من أن يصدر أحكامه في أهمّ القضايا ولم يقيموا وزناً لتلك الأحكام ، وذلك حين أنكروا الحسن والقبح العقليين ولكنّهم إلى جانب ذلك قد اعتبروا القياس والاستحسان والرأي من مصادر التشريع فأفسحوا بذلك المجال للترهات والأساطير والأباطيل لتجد مكانها في التراث الإسلامي دون أن يتمكن العقل من إبداء رأيه ، ولا من إصدار كلمة .
ولو أنّه حاول شيئاً من ذلك فلسوف لن يجد آذاناً صاغية ولا قلوباً واعية . .
نعم ، لقد فعلوا ذلك كله بعد أن منعوا الرواية عن رسول الله ( ص ) وقد منعوا .
إلا حديثاً وجدوا أنّه في مصلحتهم ، ومنعوا من كتابة الحديث عنه ( ص ) حتى هذا النوع من الأحاديث بالذات . .
ولكنّهم سمحوا لعلماء بني إسرائيل ، ومن تتلمذ على أيديهم ، أو سار في خطهم بأن يرووا الإسرائيليات للناس ، وقد افتروا على رسول الله ( ص ) أنّه قال : « حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج » .
وظهر القصاص على الناس بهذا النوع من الترهات والأباطيل الإسرائيلية من تجسم وغيره ، وأشاعوها فيما بينهم ، حتى عظم البلاء وجلّ الخطب .
فلا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم .

46