الحقيقة وتفضح زيفه وتدلّ عليه .
والأدهى من ذلك هو : أنّ تلك الأساطير والأباطيل قد أصبحت مبررة بصورة علميّة في ظاهر الأمر وأصبحت تملك أدلة - وإن كانت مزيفة - تعطيها المزيد من القوة والصلابة والتجذر في فكر الناس ووجدانهم ، حتى أصبحوا يرونها على أنّها الحقائق الناصعة ذات البراهين الساطعة .
وأصبح نقل جبل من مكانه أسهل من اقتلاعها من أفكار الناس ، ومن وجدانهم ، ومن واقعهم وحياتهم ، ولا سيما بعد أن تقادم عليها الزمن وأصبحت جزءا من تاريخ المجتمعات ، ومن حياتهم ، ومن مقدساتهم ، بسبب ذلك .
وقد يكون بعض من سلكوا سبيل هؤلاء الجناة المجرمين إنّما فعلوا ذلك من حسن نية ، وسلامة طوية ، وقلة معرفة وعدم وعي فائق ولكن لا شك في أنّ بعضاً آخر منهم لم يقبل بالالتزام بخط أهل البيت عليهم السلام ، ونأى بنفسه عن مدرستهم ، وأصمّ أذنيه عن سماع حديثهم وأغمض عيني قلبه عن النظر إلى أطروحتهم وفكرهم ، وطريقتهم ونهجهم ، نعم : إنّه فعل ذلك عن عمد ورضى لنفسه أن يكون من وعاظ السلاطين ، فقام بدون مبرر والمقرر لمدرسة الحكام ، ونصّب نفسه مدافعاً عن فكرهم المنحرف ، وعن طريقتهم الشريرة والخطيرة ، حينما جعلوا أنفسهم في موقع المشرع والمقنّن ، واغتصبوا المقام الذي جعله الله سبحانه للصفوة الأخيار من عباده الذين اصطفى .

43