أكثر ملاحظاتهم ومؤاخذاتهم لم تغب عن بالي ، غير أنني أعلم أن الضريبة العادلة لنظرة كهذه تهدف إلى أن تنجز عملاً يوافقها ، مع وفرة المشاغل ، وكثرة الصوارف ، ومع الرغبة في الإسراع في الإنجاز ، وعدم توفر الفرصة في كثير من الأحيان لإعادة النظر ، وللإخراج إلى المبيضة - نعم إنّ الضريبة العادلة لذلك كلمة هي : أنّه بسبب كون العمل فردياً ، ومن دون أي مساعد أو ناظر ، فقد وقعت ثمّة أخطاء لفظيّة أحياناً ، مضافاً إلى عدم ادّعاء المتانة في الأسلوب في بعض الموارد ، وذلك ينشأ من التفاوت الظاهر بين حركة الفكر وحركة اللسان والبيان ، بزعم عدم القناعة بضرورة أن يلتزم البحث العلميّ بما يلتزم به البحث الأدبيّ من الإغراق والاستغراق في النواحي التعبيريّة والجماليّة .
هذا بالإضافة إلى عدم تسجيل مصادر نصوص كان ظنّي أنّ القارئ سوف لا يحتاج إلى الرجوع إليها ، أو اقتطاع فقرة من نص ، أو الإشارة إلى قضية بصورة عابرة ، فتصبح غائمة في ذهن القارئ الذي لم يمارس قراءة البحوث ، أو لم يكن على علم مسبق بذلك النص ، أو بتفاصيل تلك القضية المشار إليها .
زد على ذلك كلّه : إهمال نقاط كثيرة قد يتوقع القارئ التعرّض لها ، وإجمال مواضع أكثر يرغب البعض في التوسّع فيها ، أو التوسع فيما يرغب الكثيرون بإجماله .
ثمّ طرح موضوعات وجزئيات قد يرى البعض أنّها ليست جديرة بكل هذا الاهتمام ، أو لا يرون أنّها تعنيهم في قليل أو كثير .

37