الأخلاقيّة في مجال التصوّر لتكون خيالاً مثالياً يثير الإعجاب لدى هذا الشخص أو ذاك ، وإنّما أريد أن أقدّم أنموذجاً علمياً وأخلاقيّاً قد تجسد على صعيد الواقع إنجازاً عملياً حيّاً وفذّاً في آن واحد ، ولسوف أختار كتاب الغدير بالذات لنلتمس فيه سوية بعض المثلة - واحداً أو أكثر - لما أرمي إليه ، حيث أنّ دراستنا لهذا الكتاب الشريف تعطينا من الناحية العلميّة ، على الأقل ، أنّ مؤلفه رحمه الله كان : 1 - من أكثر الناس تتبعاً للنصوص في مصادرها المختلفة والمتنوعة ، وبالرغم من تشتت المطالب وانتشارها واختلافها وتنوّعها فإنّه ( ره ) في رصده للنصوص التي ترتبط بها لا يفقد شيئاً من المستوى الرفيع في دقة الملاحظة ولا في سلامة الترتيب والتبويب .
2 - إنّ هذا الكتاب ليدلّ دلالة واضحة على تضلّع مؤلفه في مختلف العلوم الإسلاميّة على تنوعها وكثرتها واختلافها ، وأنّه في مجال الاستفادة العمليّة منها إنّما يتعامل معها من موقع العالم النحرير والمجرّب الخبير الذي عرف كلّياتها وجزئياتها ومارس ما عرف وخبر ما جرّب وعرف غثه وسمينه وصحيحه من سقيمه .
ومن الناحية الأخلاقيّة فإنّ كتاب ( الغدير ) خير شاهد على أنّه ( ره ) : 1 كان أسطورة في صبره وأناته وتحمّله للمشاق والصعاب في سبيل الوصول إلى الهدف الذي رسمه لنفسه - وأملاه عليه حبّه لله ولرسوله ( ص ) ولأهل البيت عليهم السلام - والحصول على النتائج التي يصبو إليها وقال الشاعر :

170