عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلى خلق ظروف معينة تسمح لهم بالتدخل المباشر في الثقافة الإسلاميّة ، والمعارف الإلهيّة ، بحيث يمكن لهم التلاعب فيها ، وتشويهها ، وإظهارها بالصورة التي يريدونها .
وهي نفس المحاولة التي بذلوها مع الشرايع السماوية الأخرى ، منذ عهد موسى عليه السلام .
أمّا بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ؛ فقد استفادوا من المتغيرات السياسيّة التي حدثت ، حيث سنحت لهم الفرصة ، بصورة أوفق لإشاعة آرائهم وثقافاتهم في المجتمعات الإسلاميّة الناشئة ، والتدخل في السياسات الإسلاميّة على أعلى المستويات .
وقد كان لدى الناس استعداد نفسيّ وروحيّ كبير لتقبل هذا منهم ؛ وذلك لأنّ أهل الكتاب قد عاشوا برهة من الزمن بين العرب ، الذين كانوا أميين بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، واستطاعوا على مر الزمن أن يوحوا لهم بأنّهم هم وحدهم العلماء والحكماء ، وأنّ لديهم علم من مضى ، وخبر من غبر وما يأتي .
وقد فرضوا على الناس هيمنتهم العلميّة والثقافيّة ، وأصبح الناس يرون فيهم الطليعة الفكريّة وينظرون إليهم نظر التلميذ إلى معلمه ، حتى إنّنا لنقرأ في التاريخ أنّ العربيّ ، بل القبيلة العربيّة - أحياناً كان إذا أراد المسلم يستشير راهباً ، أو حبراً يهودياً ، ثمّ يعمل برأيه . .
وهذا الواقع بالطبع قد ساعدهم كثيراً على التدخل المباشر وغير المباشر لتحريف كثير من الحقائق ، وبث كثير من السموم ، بل وسمح لهم بالتدخل مع الحكام لتطبيق سياسات كان لها تأثير كبير على محو

140