responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 96


أن ملك عبد الملك بن مروان فتنبه له ، وكان فطنا فبينما هو ذات يوم ، إذ مر به قرطاس ، فنظر إلى طرازه ، فأمر أن يترجم بالعربية ، ففعل ذلك فأنكره ، وقال : ما أغلظ هذا في أمر الدين والإسلام ، أن يكون طراز القراطيس ، وهي تحمل في الأواني والثياب ، وهما يعملان بمصر وغير ذلك مما يطرز من ستور وغيرها من عمل هذا البلد ، على سعته وكثرة ماله ، والبلد يخرج منه هذه القراطيس تدور في الآفاق والبلاد ، وقد طرزت بسطر مثبت عليها ، فأمر بالكتاب إلى عبد العزيز ابن مروان ، وكان عامله بمصر ، بإبطال ذلك الطراز على ما كان يطرز به من ثوب وقرطاس وستر وغير ذلك ، وأن يأمر صناع القراطيس ، أن يطرزوها بصورة التوحيد : شهد اللَّه أن لا إله إلا هو ، وهذا طراز القراطيس خاصة ، إلى هذا الوقت ، لم ينقص ولم يزد ولم يتغير ، وكتب إلى عمال الآفاق جميعا بإبطال ما في أعمالهم من القراطيس المطرزة بطراز الروم ، ومعاقبة من وجد عنده بعد هذا النهي شيء منها بالضرب الوجيع ، والحبس الطويل . فلما ثبتت القراطيس بالطراز المحدث بالتوحيد ، وحمل إلى بلاد الروم منها انتشر خبرها ووصل إلى ملكهم وترجم له ذلك الطراز ، فأنكره وغلظ عليه واستشاط غيظا ، فكتب إلى عبد الملك :
أن عمل القراطيس بمصر وسائر ما يطرز هناك للروم ، ولم يزل يطرز بطراز الروم ، إلى أن أبطلته فإن كان من تقدمك من الخلفاء قد أصاب فقد أخطأت ، وإن كنت قد أصبت فقد أخطؤا ، فاختر من هاتين الحالتين أيهما شئت وأحببت ، وقد بعثت إليك بهدية تشبه محلك ، وأحببت أن تجعل رد ذلك الطراز إلى ما كان عليه ، في جميع ما كان يطرز من أصناف الأعلاق ، حاجة أشكرك عليها ، وتأمر بقبض الهدية ، وكانت عظيمة القدر .
فلام قرأ عبد الملك كتابه ، رد الرسول وأعلمه أنه لا جواب له ، ورد الهدية فانصرف بها إلى صاحبه ، فلما وافاه أضعف الهدية ررد الرسول إلى عبد الملك ، وقال : إني ظننتك استقللت الهدية فلم تقبلها ولم تجبني عن كتابي ، فأضعفت الهدية وإني أرغب إليك إلى مثل ما رغبت فيه ، من رد الطراز إلى ما كان عليه أولا . فقرأ عبد الملك الكتاب ، ولم يجبه ورد الهدية فكتب إليه ملك الروم يقتضي أجوبة كتبه ويقول :
إنك قد استخففت بجوابي وهديتي ولم تسعفني بحاجتي ، فتوهمتك استقللت الهدية ، فأضعفتها فجريت على سبيلك الأول ، وقد أضعفتها ثالثة وأنا أحلف بالمسيح ، لتأمرن برد الطراز إلى ما كان عليه ، أو لأمرن بنقش الدنانير والدراهم ، فإنك تعلم أنه لا ينقش شيء منها إلا ما ينقش في بلادي ، ولم تكن الدراهم والدنانير نقشت في الإسلام ، فينقش عليها شتم نبيك فإذا قرأته أرفض جبينك عرقا فأحب أن تقبل هديتي ، وترد الطراز إلى ما كان عليه ، ويكون فعل ذلك هدية تودني بها ، ونبقى على الحال بيني وبينك .
فلما قرأ عبد الملك الكتاب ، صعب عليه الأمر وغلظ ، وضاقت به الأرض ، وقال : أحسبني أشأم مولود ولد في الإسلام ، لأني جنيت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من شتم هذا الكافر ما يبقى غابر الدهر ، ولا يمكن محوه من جميع مملكة العرب ، إذا كانت المعاملات تدور بين الناس بدنانير الروم ودراهمهم ، فجمع أهل الإسلام واستشارهم ، فلم يجد عند أحد منهم رأيا يعمل به ، فقال له

96

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست